لأنه حين عَلَّق، لم يكن بحَيْث يجزئ عن الكفَّارة، وكذا لو قال لعبده الكافر: إذا أسلَمْتَ، فأنت حرٌّ عن كفارتي، فأسلم أو قال لجنين البطن: إن خَرَجَ سليماً، فهو حرٌّ عن كفارتي، فخرج سليمًا، ويُحْتمل أن يقال: إذا لم يَقَعْ عن الكفَّارة، لم يُعْتَق على ما مَرَّ نظيره في الإيلاء، ولو علَّق العتق عن الكفَّارة بدخول الدار، ثم كاتب العبد، ثم دَخَل الدار، ففي إجزائه عن الكفار وجْهانِ:
في وجه يجزئ؛ اعتبارًا بوقت التعليق، وفي وجْه: لا يُجْزئ؛ لأنه يستحقُّ العتق عن الكتاب وقْت حصول العتق، قال في "التتمة": هذا الخلاف مبنيُّ على الخلاف فيما إذا عَلَّق عتق العبد بصفة توجد في الصِّحَّة، وقد توجد في المرض، فوجدت في الصحَّة، يعتبر العتق من الثلث أو من رأس المال؟
ولو اشترى من يعتق عليه، ونوى كَوْن العِتْق عن الكفَّارة، لم يجزئه وعن الأودنيِّ: أنه يُجْزئ، والمذهب الأول، وكذا لو وهب منْه فقبل، [أو أوصى له به فقبل] وقلنا: تملك الوصية بالقبول، ونوى العِتْق عن الكفَّارة، وكذا لوْ وَرِثَهُ، ونوى أو ملك المكاتَب من يعتق على سيِّده، ثم عجزه السيد، ونوى عتْقَ قريبه عن الكفَّارة، وذلك لأنَّ العتْق مستحقٌّ بجهة القرابة، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: يجزئ في الشراء والاتهاب، ولا يجزئ في الإرث، وعن أصحابه اختلافٌ في صورة تعجيز المكاتَب.
ولو اشترى عبْداً بشرط العتق، فقدْ مَرَّ في "البَيْع" إن أَصَحَّ القولَيْن صحَّةُ البيع؛ فإن الأظهر أنه لا يجزئ إعتاقه عن الكفَّارة، وذكر القاضي ابن كج تفريعًا على صحَّة البيع وجهَيْن فيما إذا باع بشرط العتق وتعليقه عتقه بصفة وقال: الأصح أنه لا يَصِحُّ، ووجهين فيما إذا اشْتَرَى جاريةً حاملاً بشرط العتق، فولَدَتْ، ثم أعتقها هو، يتبعها الولد، وأنه لو بَاعَ عبْدًا بشَرْط أن يبيعه المشتري، فشَرَطَ العتْق، فالصحيح بُطْلان البَيْع، وعن أبي الحُسَيْن تخريجُهُ على وجهين، وإعتاق العَبْد المرهون عن الكفَّارة يُبنى على الخلاف في نُفُوذ إعتاقه، وقد ذكَرْناه في الرَّهْن، فإن نَفَّذْناه أجزأ عن الكفَّارة، إذا نواها، وكذا إذا لم ينفذ في الحال ونفَّذناه بعد الانفكاك باللفظ السابق، ويكون كما لو عَلَّقَ عِتْقَ عبده عن الكفَّارة بشَرْط، وإعتاقُ الجاني عن الكفَّارة ينبني على الخلاف في نُفُوذ إعتاقه، وقد ذكَرْناه في البَيْع، وحكَى القاضي ابن كج أنَّ من الأصحاب -رحمهم الله- مَنْ لم يجوِّز إعتاق المرهون والجاني عن الكفَّارة، وإن قلْنا بنفوذ العِتْق؛ لتعلق حق الغير بهما ونُقْصان التصرفات، وهو ضعيفٌ، فإن الإِعتاق إذا نَفَّذناه، يتَضمَّن رفْع تَعلُّق [الغير](١) وُيرَدُّ حقه إلى الفداء، وليس كذلك إعْتاق المُكَاتَب؛ فإنه يقَعُ على حُكْم