الشريك فيه أم يحتاج إلى تجْديد النيَّة عند الأداء؟ وجهان:
أصحُّهما: أنها تكْفي؛ لأن النية اقترنت بالعتق، إلا أن العتْقَ حَصَل على ترتُّب وتدرُّج.
والثاني: أنه لا بُدَّ من التجديد؛ لتقترن النية بعتق نصيب الشريك كما اقترنت بعتق نصيبه، ولو نوى في الحال صَرْف العِتْق في نصيبه إلى الكفَّارة، ونوى عند أداء القيمة صَرْفَ العتق في نصيب الشريك إلَيْها، أجزأه اقتران النية بحالة حصول العتق، وعن أبي حامد وجْه أنه لا بُدَّ، وأن ينوي الكُلَّ في الابتداء؛ لأن سبب حصول العِتْق في الكل لفظه، وهو السبب الأول، فينبغي أن تُقَارِنَه كما لو عَلَّق العتق بدخول الدَّار، يشترط في الإجزاء نية الكفَّارة عند التعليق، لا يَكْفِي مقارنتها للدخول، والأظْهَر والمَذْكُور في الكتاب الأول، وذَكَر الأئمة جواباً عن الأظْهَر في هذه الصورة والتي قَبْلها بناءً على أن العِتْق في نصيب الشريك يَحْصُل عند أداء القيمة؛ أنَّه يتخيَّر في نصيب الشريك بيْن أن يُقدِّم النية [عند اللفظ] أو يؤخرها إلى الأداء، وهذا كله فيما إذا نَوَى عتْق الجميع عن الكفَّارة، وإن وجَّه العِتْق على نصيبه، أما إذا وجَّهه على نصيبه، ونوى صَرْف العتق فيه إلى الكفَّارة، [ولم ينو الباقي] لم ينصرف الباقي إلَيْها، وإن حكَمْنا بعتقه في الحال، وَيجْرِي في وقوع نَصِيبه عن الكفَّارة الخلاف الَّذي سَبَق في أن إعتاق بَعْض الرقبة، هل يُجْزئ؟ وفي "الشامل" وغيره ذكْرُ وجْه أن الباقي ينصرف إلى الكفَّارة، ويتبع نصيبه في الوقوع عن الكفَّارة، كما تبعه في أصْل العِتْق، ولو أعتق الجميع بِنِيَّة الكفَّارة، وقلنا بحصول العِتْق بنفس اللفظ أو بالتوقُّف، أجزأه، وإن قلْنا بحُصُوله عند أداء القِيمَة، ففي "التهذيب" القَطْعُ بالإجزاء، وأنه لا يحتاج إلى تَجْدِيد النية عنْد الأداء، ويُشْبِه أن يَعُود فيه الوجهان المذكوران فيما إذا وَجَّه العتق على نَصِيبه، ولا يخفى مواضع الحاجة إلى الإعْلاَم.
المسألة الثالثة: العَبْد الغائب، إن عَلِمَ حياته، وتواصل خيره، أجزأه عن الكفَّارة، وإن انقطع خبره، فالنَّصُّ أنه لا يجزئ عن الكفَّارة، والنص أنه تجبُ فطرته وكلام الأصْحَاب في النصين وتصرفهم قد ذكَرْناه في باب الفِطْرة، والأظهر عدم الأجزاء، كما نَصَّ عليه، ولو أعتقه عن الكَفَّارة، ثم تواصَلَتْ أخبار حياته، تبيَّنا وقوع العتق موقعه فيما سبق.
ويجوز إعلام قوله "وفيهما قول مخرج" بالواو.
والعبد المغصوب يجزئ عن الكفَّارة إذا علم حياته لكمال رقه، وفيه وَجْه لنقصان التصرُّف؛ ولأن الغضب يمنعه من الاستقلال، وهذا ما أورده الشيخ أبو حَامِدٍ وابن الصَّبَّاغ، والظاهر الأول، وهو المَذْكُور في الكِتَابِ، والآبِقُ كالمَغْصُوب (١)، والله أعلم.
(١) قال النووي: الصواب ما قطع به الماوردي والفوراني وغيرهما، أن الآبق يجزئ قطعاً لاستقلاله بمنافعه كالغائب. =