فيما إذا التمس منْه أن يعتق عبْده عن نَفْسه بعوض مطلقاً، فإن قلنا: لا يستحق العوض عليه، وَقَع العِتْق عن المعتق، وله الولاء، وإن قُلْنا: يستحقه، فالعتق يقع عنه أو يقع لبَاذِلِ العِوَض؟ فيه وجهان عن رواية صاحب "التقريب" والشيخ أبي محمَّد: أنه يقع عن باذل العوض، وإلا، فلا مَعْنَى لوجوب العوض عليه، [و] هذا ما أوْرَدَه، أصحابُنا العراقيُّون، وأصحُّهما أنه يَقَع عن المعتق؛ لأنه لم يُعْتِقْه عن باذل العِوَض، ولا هو استدعاه لنَفْسِه، وهذا ما أورده صاحِبُ "التهذيب" و"التتمة"، ولو قال المعتق: أَرُدُّ العِوَضَ ليكُونَ العتق مجزئاً عن كفارتي، لم ينقلب مجزئاً.
نعم، لو قال في الابتداء عقيب الالتماس: أعتقته عن كفَّارتي، لا على الألْف، كان ردًّا لكلامه، وأجزأه عن الكفَّارة، وإذا قلْنا: إنه لا يستحقُّ العوض على الملتمس، فيشبه أن يَجِيء في الإجزاء عن الكفَّارة الوجْهُ المنسوب إلى رواية أبي الحُسَيْن فيما إذا شَرَط العوض على العَبْد، ويمكن أن يُخَرَّج من وجوب العوض على غَيْر العَبْد وجْه في وجوبه على العَبْد، ولم يذْكُروه.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: جرت العادة بذِكْر صور التماس العِتْق من المالك هاهنا، واعْلَمْ أولاً أن العِتْق على مالٍ كالطلاق على مال، فهُوَ من جانب المَالِك معاوضةٌ، فيها مشابَهَةُ التَّعْليق، ومِنْ جانب المستدعي معاوضةٌ نازعةٌ إلى الجعالة على ما تبيَّن (١) في كتاب الخُلْع، ثُمَّ في الفصْل صُوَرٌ.