للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداها: إذا قال: أعتق مستولدتك على ألْف، فاعتق، [نفذ العتق،] (١) وثبت العوض، وكان ذلك افتداءً من المستدعي نازلاً منزلةَ اختلاع الأجنبي (٢)، ولو قال: أعْتِقْها عنِّي على كذا أو وَعليَّ كذا، فقال: أعتقها عنك، نفذ العتق، ولُغِيَ قولُه "عَنِّي"، وقول المعتق "عنك" فإن المستولدة لا تنتقل من شخْص [إلى شخص] (٣) وقد احتج بهذه المسألة على أنه إذا وصَفَ العِتْق أو الطلاق بمحال، ينفذ العتق والطَّلاق، ويلْغو الوصف، كما ألغي "عنك" من قوله "أعتقت عنك"، ثم الظاهر، وهو المذكور في الكتاب أنه لا يستحقُّ عوضاً؛ لأنه التزم العِوَض على أن يَكُون العِتْق عنه، وهو ممتنع، وفيه وجْه أنَّه يلغي قوله "عنِّي" ويجعل باقي الكلام افتداءً، فيثبت العوض، ولو قال: طَلِّق زوجك عنِّي على ألْفٍ، فقد قال الإِمام: الوجْه إثبات العِوَض، وألغي قوله "عني" أو حمله على الصرف إلى استدعائه، كأنه قال: طَلِّقها لاستدعائي، وقد يُتَخَيَّل في المستولدة الانتقال إلَيْه إلى أن يعرف امتناعه.

الثانية: إذا قال: أعتق عبدك عن نَفْسِكَ، ولك عليَّ كذا، أو وعلى كذا، فأجاب، فهل يستحقُّ العوض؟ فيه وجهان:

أصحهما: نعم، كما لو قال: أعتق مستولدتك أو طَلِّق زوجتك على كذا.

والثاني، وبه قال أبو حنيفة، واختاره الخضري -رحمهما الله-: أنه لا يستحقُّ، بخلاف استدعاءِ عتْق المستولدة والطلاق؛ لأن ذلك إنما جُوِّز على سبيل الافتداء ضَرُورَة أنه لا يُمْكِن انتقال المِلْك فيهما، وهاهنا يُمْكن تملكه (٤) بالشِّرَاء وغيره، وتخليصه، ولو قال: أعْتِقْه عنِّي، ففعل، نُظِر؛ إن قال: مَجَّانًا، فلا شَيْء على المُسْتَدْعي، وإن ذكر عوضاً، لزمه العوض، وإن أطْلَق، فهل يستحق عليه قيمة العَبْد؟ فيه وجهان، عن رواية صاحب "التقريب" وغيره؛ بناء على الخلاف فيما إذا قال لغَيْره: اقض دَيْنِي، ولم يشترط الرجوع، وخصص الإِمام وأبو الفرج السرخسي إذا البناء بما إذا قال: أعْتِقْه عن كفَّارتي؛ فإن العتق حقٌّ ثابث عليه كالدَّيْن، فأما إذا قال: أعتقه عنِّي، ولا عتق عليه أو لم يَقْصِدْ وقوعه عنه، فقد أطلق أبو الفرج أنه لا شَيْء عليه،


(١) سقط في ز.
(٢) كذا قطع به. قال ابن يونس: ويحتمل وجه أنه لا يستحق؛ لأن العتق لم يقع عن الملتمس فيصير كما لو قال: اعتق عبدك عن نفسك وعلى ألف.
قال في المطلب: وكأنه غفل عن المعنى وهو تعدد الخلاص في المستولدة إلا بالعتق بخلاف القن، ومع هذا فاحتماله قد صرح به في البسيط في كتاب العتق وجهاً غريبًا في المذهب لأنه يستحيل الملك في المستولدة للمستدعي فإنها لا تعتق عنه إلا بواسطة نقل الملك وهو غير معقول.
(٣) سقط في ز.
(٤) في أ: ملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>