للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني، وهو الجواب في "الشامل": أنه لا يَلْزم؛ لأنه لم يكُنْ من أهل الإعتاق يوْمَئِذٍ. ولو شرع (١) المعسر في الصوم، ثم أيسر، كان له المُضِيُّ في الصيام، ولم يلزمْه الإعتاق، ولو أعتق، كان أحَبَّ، ووقع ما مَضَى من الصوم تَطَوُّعاً، وبهذا قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة والمزني: يلزمه الانتقال إلى العِتْق، وعن رواية الشيخ أبي محمَّد مثله.

واحتج الأصحاب للمَذْهب بأنَّه قَدَر على المبدل بعْد الشروع في صوم البَدَل، فلا يَلْزَمه الرُّجُوع إلى المُبْدل، كما لو وجد الهَدْي بعْد الشروع في صوم السبْعة، ولو أيْسَر بعْد ما فَرَغَ من الصوم، لا يلزمه الرجوع إلى العِتْق بلا خلاف، ولو كان وقْتَ الوُجُوبِ عاجزًا عن الإعتاق والصوم، فأيسر قبل التكفير، فإن اعتبرنا حالَةَ الوجُوب، ففَرْضُهُ الإطعام، وإن قلنا بأحد القولين الآخرين، فعليه الإعتاق.

وقوله في الكتاب "والاعتبار في اليَسَار والإعْسَار بوقت الوجوب" فيعلم بالحاء والميم وقولها "وبوقت الأداء" بالألف، ويجوز أن يُعْلم القول الثالث بها (٢) جميعاً.

وقوله "وإذا اعتبرنا وقْت الوجوب" هكذا أجده في النسخ، والحكم المعلَّق به صحيحٌ في نفسه، لكنه أوْضَحُ من أن يحتاج إلى ذِكْره، ولو كان مكانه، "وإذا اعتبرنا وقْت الأداء" كان أقوم، وليعلم أن حالة الأداء، إنَّما تُعْتبر إذا أيْسَر قبْل الخَوْض في الصوم، وأنه لا أثر له بعْد الخوض، وهكذا هو في "النهاية" و"الوسيط" على أن جواز المضيِّ في الصوم، وعدم وجوب الانتقال إلى العِتْق، لا يختص ببَعْض الأقوال (٣)، بل هو جارٍ على الأقوال عنْدنا؛ فلا حاجَةَ إلى تخصيص التفريع ببَعْضِها وكذلك لو أطعم بعض المساكين، ثم قَدَرَ عَلَى الصوم، لا يَلْزَمُه العُدُول إلى الصَّوْم.

المسألة الثانية: العَبْد لا يملك بتمليك غيْر السيد، وهل يملك بتمليك السيد؟ فيه قولان، سبق ذكرهما، والجديد (٤) المنع، وإذا لم يَمْلِك، فلا يُتصوَّر منه التكفير بالإعتاق والإطعام، وإن قلنا: إنه يَمْلك [بتمليك] (٥) السيد، فلو مَلَّكه طعاماً لِيُكَفِّر به أو كسوة، لِيُكَفِّر بها في كفَّارة اليمين، جاز، وعليه التكفير بما ملَّكه وإن ملّكه عبداً؛ ليعتقه، لم يجز؛ لأن العِتْق يَسْتَعْقب الولاء، ولا يمكن إثبات الولاء للعبد، هذا هو


(١) في أ: تبرع.
(٢) في أ: بهما.
(٣) في أ: الأحوال.
(٤) قال الشيخ الأسنوي: لكن في الحاوي في كتاب البينة حكايته القولين في الأجنبي وحكاهما ابن الرفعة.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>