للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر المشهور، وعن صاحب "التقريب" أنه يصحُّ إعتاقه، ويثبت له لولاء، وعن القَفَّال تخريجُ قول إن إعتاقه يُجْزئ عن كفارته، والولاء موقوفٌ إن عَتَقَ، فهو له، وإن دام رقه، فلسيده، وأما تكفيره بالصَّوْم، فإن جرى ما تتعلَّق به الكفَّارة بغَيْر إذن السيد كما إذا حَلَف وحَنِث بغَيْر إذنه، فلا يَصُوم إلا بإذْنه، ولو تبرَّع دُون إذْنِه، كان له تحليله، كما لو أحرم بالحج بغير إذنه، وقال أحمد -رحمه الله-: ليس له تحليله، وإن جرى بالإذْن كما إذا حَلَف وحنِثَ بإذنه، فيصوم، ولا يحتاج إلى إذْن السيد، وإن حَلَفَ بإذنه وَحنِثَ بغَيْر إذنه، فوجهان:

أحدهما: أنَّ له أنْ يصوم بغَيْر إذنه؛ لأن الإذْن في الحَلِف إذْنٌ فيما يتعلَّق به، ويترتَّب عليه، كما أنَّ الإذْن في النكاح إذْنٌ فيما يتعلَّق به من اكتساب المَهْر والنفقة، وهذا ما رجَّحه في "التهذيب".

وأصحُّهما عند الأكثرين، وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يستقل بالصَّوْم؛ لأن لزوم الكفَّارة لا يلازم اليمين، [بل اليمين] (١) مانعةٌ من الحِنْث، فالإذن فيها لا يكون إذناً في التكفير، وإن حَلَف بغير إذنه وحَنِثَ بإذنه، ففيه طريقان:

أحدهما، وهو الذي أورده في الكتاب: أن فيه وَجْهَيْن:

أحدهما: أنه لا يَصُوم إلا بإذنه؛ لأن الحَلِفَ هو السبب الأول، ولم يأْذن السيد فيه، وإنما العَبْد ورَّطَ نفْسه فيه.

والثاني: له أن يصُوم بغَيْر إذن السيد؛ لأن الحنث يستعقب الكفَّارة، فالإذن فيه إذنٌ في التكفير، كما أن الإذن في الإحرام بالحَجِّ يكون إذنًا في الأفعال.

والطريق الثاني: القطع بالوجه الثَّاني، وهو الأظهر على طريقة إثْبات الخِلاَف وحيث قلنا: يَصُومُ بغير إذن السيد، فلا يختلف الحَالُ بَيْن أن يكون النهار طويلاً أو قصيراً، شديدَ الحَرِّ أو غيره، وإذا قلْنا: لا بُدَّ من الإذْن، فذلك في الصوم الذي يورث ضَعْفًا من شدة الحر، وطول النهار، فإن لم يكُنْ كذلك، فهل يحتاج إلى الإذْن؟ فيه خلاف نذكره -إن شاء الله تعالى- في باب الأيمان، والظاهرُ، وبه أجاب هناك: أنه ليْس له المنع، والمُراد ممَّا أطْلَقَه هاهنا ما إذا أوْرَثَ الصَّومُ ضُعْفًا، قال الأئمة: وإنما اعتبر إذْن السيد، وإن كان الصوم واجباً؛ لأن صَوْم الكفَّارة على التَّرَاخِي، وحقُّ السيد على الفَوْر بخلاف صَوْم رمضان، هذا ما يتعلَّق بكفَّارة اليمين، قال في "الوسيط": ومنْعُه من صوم الظهار غَيْر مُمْكِنٍ؛ لِمَا فيه من الإضرار بالعَبْد باستمرار التحريم (٢).


(١) سقط في ز.
(٢) قال النووي: وحيث قلنا: لا يصوم بغير إذنه فخالف وصام، أثم وأجرأه.

<<  <  ج: ص:  >  >>