ومَنْ بَعْضه حُرٌّ وبعْضُه رقيقٌ كالحرِّ في التكفير بالمال، على ظاهر المَذْهب، والمسألة معتادةٌ في كتاب الأَيْمان، ونَذْكرها هناك مع زيادات فيما يتعلَّق بكفارة العَبْد، إنْ وفَّق الله تعالى.
وقوله في الكتاب "والعبد لا يَمْلِكُ بالتَّمْلِيكِ على الجديد" هذا وقد ذكره في باب معاملة العبيد، والغَرَض من إعادته هاهنا بيانُ أنَّه لا يُتصوَّر منه الإعتاق والإطعام؛ تفريعًا عليه، ويجوز أن يُعْلَم بالميم والألف؛ لِمَا سبَقَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: غَرضَ الفَصْل بيانُ حُكْم الصوم، إذا كَفَّر به، وفيه مسائل:
أحدُها: يجب أن ينوي صَوْم الكفَّارة من الليل؛ كصوم رمضان، ولا بُدَّ لصوم كلِّ يوم من نية، وعن مالك: يكفي نيَّة صوم الشهر في الليلة الأُولَى، ولا بد، وأن ينوي كَونَه عن الكفَّارة، ولا يجب تعْيِينُ الجهة، وهذا قد سبَقَ ذكْره في أوَّل الكتاب، ولا فَرْق فيه بين الصَّوْم وغيره من الخِصَال، وفي اشتراط نية التتابع وجهان:
أحدهما: الاشتراط؛ ليكون متعرِّضًا لخاصَّة هذا الصوم، وشبه أيضاً بالجَمْع بين الصلاتين؛ لما فيه من ضَمَّ بعض العبادات إلى بَعْض.
وأصحُّهما: المَنْع؛ لأن التتابعَ هيئة مشروطة في هذه العبادة، ولا يجبُ في العبادات التعرُّض للهيئات والشرائط وتخصيصها بالنية، وإذا قِيلَ بالأول، فيَكْفِى بنية التتابع بني الليلة الأولى؛ لحصول التمييز أم يجب التعرض له في كل ليلة كسائر مَا يَجِبُ التعرُّض له في النية؟ فيه وجهان. وإذا مَاتَ، وفي ذِمَّته صوْم كفارة، فهَلْ يصوم الوَلِيُّ عنْه؟ فيه قولان: الجديد المَنْع، وقد سَبَق ذكرهما في كتاب الصوم، وأعادهما في الوصيَّة، وهذه مرةٌ ثالثةٌ.