للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أحكام هذا القذف اللعان، وذلك يُحْوِج إلى معرفة صورة اللعان، فاشتمل البابُ عَلَى فصل في أركان اللعان، واندرج في القِسْم الأول: بيان سورة اللعان ويُجرَّد القسْم الثاني لأحكام اللعان، وذلك هو الباب الذي ذكَره آخرًا، والأحْسَنُ أن يُبْدَلَ لفظ الباب الثالث بالقسم الثاني، وقوله في خلال الباب الثاني "الفصل الثالث: في فروع متفرقة" هكذا يوجد في النسخ، وهو بعيد عن انتظام [الكلام]؛ لأنه واقع بين الرُّكْن الثالث والرابع، وغرض الفصْل بيان الأركان، فلا مَعْنَى لايراد فصْلٍ آخَرَ بينهما، والوجه أن يُطْرَح لفْظ الفصْل الثالث، ويُقْتَصَر على فُروع متفرِّقة ويقال في أول الباب الثاني "وفيه فصلان" وبالجملة ففي ترتيب الباب ضبط في الكتاب، وقد وَقَع في "البسيط" و"الوسيط" مثله أو أعظم منْه، وطريق تحقيقه ما أتيْنا به.

أما الباب الأوَّل، ففيه فَصْلان:

أحدهما: في ألفاظ القَذْف، والثاني: في موجبه:

أما الأول، فاللفظ الذي يُقْصَد به القذف يَنْقسم إلى صَرِيح، وكناية، وتعريضٍ:

أما الصريح: فهو لفظ الزنا؛ بأن يقول للرجل: زنَيْتَ أو يا زَانِي، وللمرأة زَنَيْتِ أو يا زانيَةُ، والنَّيْك، وإيلاج الحَشَفة، والذَّكَرِ صريحان أيضاً، لكن مع الوصْف بالتحريم (١)، فإن مُطْلَقَها يقع على الحلال والحرام, والخلاف المذْكُور في "باب الإيلاء" في الجماع، وسائر الألفاظ هل هي صريحةٌ تَعُودُ هاهنا؟ فما كان صريحًا وانضم إلَيْه الوصف بالتحريم، كان قذفًا، ولو قال: علَوْت عَلَى رَجُلٍ حتى دخل ذكره في فَرْجك، فهو قاذفٌ، والرمْيُ بالإصابة في الدُّبُر بأن قال: "لاَطَكَ فلانٌ" قذف، سواء خوطب به الرَّجُلُ أو المرأة، وعن المزنيِّ: أنه قال في "المختصر الكبير" كالمنكر لذلك: لا أدري على ماذا أَقِيسُه، فقال الأصحاب: قِسْه على القُبُل بجامع أنه وطء يتعلَّق به الحدُّ، وأبو حنيفة لا يجْعلهُ قذفًا؛ بناء على أنه لا يتعلَّق به الحدُّ، [ولو قال يا لوطي، فهو كناية] (٢) ولو قال: أتَيْتَ البهيمةَ، فهو قَذْفٌ إن جعلنا إتيان البهيمة زِنًا، وحكم القذف إنما يتعلَّق بالنسبة إلى الزِّنَا، أما النسبةُ إلى سائر الكبائر والإيذاءُ بسَائِر الوجوه فلا يتعلَّق به حدٌّ، وإنما الواجب فيه التعزير، وكذا لو قرطبه أو ديَّثه، وكذا لو


(١) قال الشيخ البلقيني قوله "مع الوصف بالتحريم" لا يكفي في الصراحة المتناولة وطء زوجته وهي معتدة عن شبهة أو حائض أو نفساء ونحو ذلك مما ليس صريحاً في القذف فلا ينبغي أن يعد ذلك صريحًا إلا بأن ينضم إليه ما يقتضي الزنا، فإن قيل فقول الأجنبي لست ابن فلان يكون به على الص المقرر قاذفًا لأنّه فأما لغلبة استعماله في القذف بخلاف الوصف بالتحريم.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>