للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ* أَوْ وَطِئَهَا وَعَزَلَ* فَإِنِ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ الوَطْءِ بِحَيْضَةٍ وَرَأَى مَعَ ذَلِكَ مَخْيَلَةَ الزِّنَا جَازَ* وَإِنْ لَمْ يَرَ المَخْيَلَةَ لَمْ يَجُزْ عَلَى أظْهَرِ الوَجْهَيْنِ* وَلاَ يَجُوزُ النَّفْيُ بِمْجَرَّدِ مُشَابَهَةِ الوَلَدِ لِغَيْرِهِ في الخُلْقِ والقُبْحِ وَالحُسْنِ* فَإنْ كَانَ الأَبَوَانِ فِي غَايَةِ البَيَاضِ وَالوَلَدُ فِي غَايَةِ السَّوَادِ أَوْ بِالعَكْسِ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ مَخْيَلَةُ الزِّنَا جَازَ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الزوج كالأجنبي في ألْفَاظِ القَذْف وصرائحها وكناياتها، وفي أنه يلْزَمُه بقَذْفها الحَدُّ إن كانت الزوجة محصَنَةً، والتعزير إن لم تكن محصَنَةً إلا أن الزَّوْج يخْتَصُّ بأنَّه قد يباح له القَذْف، وقد يجب عليه، وبأن الأجنبيَّ لا يتخلَّص من الحد إلا ببينة تقوم على زنا المقذوف أو بإقرار المَقْذُوف، وللزوج طريقٌ ثالثٌ إلى الخلاف، وهو اللعان، وكما يندفع به حدُّ القذف عنه، يجب به حدُّ الزنا عليها, ولها أيضاً دفْعُه باللِّعان، والسبب في اختصاص الزوج به أنَّها، إذا لَطَّخَت فراش الزوج، اشْتَدَّ غيْظُه عليها، وعَظُمت عداوته، واحتاج إلى الانتقام والتبرؤ منها, ولا يكاد تساعده البينة والإقرار، فأبيح له القَذْف، وشُرعَ له طريق الخَلاَص.

وقوله في الكتاب: "وله دَفْعُ العُقُوبَةِ عَنْ نَفْسِهِ باللِّعانَ" إلى آخره، معادٌ مِن بَعْدُ، والغرض الآن بيانُ مفارقة الزوج للأجنبيِّ فيه، والمَعْنَى، ولأن له دفْع العقوبة عن نفسه، ومقصود الفصْل أن الزوج إذا تيقَّن أنها زنَتْ بأن رآها بعَيْنِهِ تزني، فيباح له القَذْف، وكذا لَوْ ظَنَّه ظَنًّا مؤكدًا؛ بأن أقرت (١) هي بالزنا، ووَقَع في قلبه صدْقُها أو سمعه ممَّن يشق به، قال القاضي ابن كج: والإمامُ سواءٌ كان من أهل الشهادة أم لم يَكُنْ أو استفاض بين الناس أنَّ فلانًا يَزْنِي فيها, ولم يخبر أحد عن عيان وانضمَّت إلى الاستفاضة مَخْيَلةُ الفَاحشة؛ بأن رأه معها (٢) في خَلْوه، أو رآه يخرُج من عندها, ولا يباح القذف بمجرَّد الاستفاضة؛ فإنَّه قد يذْكره غَيْر ثقة، فيستفيض أو ينشره عَدُوُلَها، أَوْ لَهُ، أو مِنْ طمع فيها فخاب (٣)، ولا بمُجَرَّد أن يراها مع رجل في خَلْوة، أو يراه يَخْرج من عنْدها؛ لأنه ربَّما دَخَل لخوف أو سرقة أو طمع، وإنما يباح إذا اجتمع الأمران، وعن الداركيِّ: أنه يجُوز بمجرَّد الاستفاضة.

وعن ابن أبي هريرة: أنَّه يباحُ بمجرَّد المخيلة، حكى الوجهين الشيخُ أبو الفرج الزاز، والاكتفاء بالاستفاضة أشْهَرُ من الاكتفاء [بالمخيلة] (٤)، وقد أورد الخلاف فيها صاحب "المهذب" والظاهر المشهور الأول.


(١) في ز: اعترفت.
(٢) في ز: رآها كذا.
(٣) في أ: فخاف.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>