للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ، قال الإِمام: الذي أراه أنه لو رآها مَعَه مراتٍ كثيرةً في مَحَلِّ الريبة، كان ذلك كالاستفاضة مع الرُّؤْية مرةً، وكذا لو رآها معه تحْتَ شِعَارٍ على هيئة منْكَرة، وتابعه عليه صاحبُ الكتاب وغيره.

ثم ما لم يكن هناك ولَدٌ، فلا يجب على الزوج القَذْف، بل يجوز أن يستر عليها، ويفارقها بغَيْر طريق اللعان، ولو أمْسَكَها, لم يَحْرُم (١)؛ لِمَا رُوِيَ أن رجلاً أتى رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- (٢) وقال: لِيَ امْرَأَةٌ لاَ تَرُدُّ يَدَ لاَمِسٍ، قَالَ: طَلِّقْهَا، قَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ: فَأمْسِكُهَا".

وإذا كان هناك ولَدٌ يتيقن أنه ليس منه، فيباح له نَفْيُه، بل يجب عليه النَّفْيُ؛ لأن ترك النفي يتضمَّن الاستلحاق، ولا يجوز له استلحاق مَنْ ليس منْه كما لا يجوز نفْيُ مَنْ هو منْه، وقد روي أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- (٣) قال "أيّام امرأة أدْخَلَت على قوْم مَن ليس منْهم، فليست مِنَ الله في شَيْءً"، فنص على المرأة، ومعلومٌ أنَّ الرَّجُل في معناها، قال الإِمام: وفي القَلْب من هذا شَيْء، ويجوز أن يقال: المُحَرَّم التصريح بالاستلحاق كذباً


(١) قال النووي: قال أصحابنا: إذا لم يكن ولد، فالأولى أن يلاعن، بل يطلقها إن كرهها. والله أعلم. وكلام الجرجاني في التحرير يخالفه، فإنه قال: إذا علم زناها ولا ولد لها استحب له قذفها ولعانها وجاز له تركها والصبر عليها هذا لفظه وكأنه يريد ترجيح القذف واللعان على الإمساك، وإن رجح الطلاق عليهما ولا ينفي خلافه.
(٢) رواه الشَّافعي من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير قال: جاء رجل فذكره مرسلاً، وأسنده النسائي [٦/ ٦٦ - ١٧٠] من رواية عبد الله المذكور عن ابن عباس، فذكره بمعناه، واختلف في إسناده وإرساله، قال النسائي: المرسل أولى بالصواب، وقال في الموصول: إنه ليس بثابت، لكن رواه هو أيضاً وأبو داود [٢٠٤٩] من رواية عكرمة عن ابن عباس نحوه، بإسناده أصح، وأطلق النووي عليه الصحة. ولكن نقل ابن الجوزي عن أحمد بن حنبل أنه قال: لا يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب شيء، وليس له أصل، وتمسك بهذا بن الجوزي فأورد الحديث في الموضوعات، مع أنه أورده بإسناد صحيح، وله طريق أخرى قال ابن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه معقل عن أبي الزبير عن جابر، فقال نا محمَّد بن كثير عن معمر عن عبد الكريم حدثني أبو الزبير عن مولى بني هاشم قال: جاء رجل فذكره، ورواه الثوري فسمى الرجل هشامًا مولى بني هاشم، وأخرجه الخلال والطبراني والبيهقي من وجه آخر عن عبيد الله بن عمرو، فقال: عن عبد الكريم بن مالك عن أبي الزبير عن جابر ولفظه: لا تمنع يد لامس.
(٣) أخرجه الشَّافعي وأبو داود [٢٠٤٩] والنسائي [٦/ ١٧٩] وابن حبان [١٣٣٥ موارد] والحاكم [٢/ ٢٠٢ - ٢٠٣] من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول حين نزلت آية الملاعنة، فذكره، وزاد: وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين، وصححه الدارقطني في العلل، مع اعترافه بتفرد عبد الله بن يونس به عن سعيد المقبري، وأنه لا يعرف إلا بهذا الحديث، وفي الباب عن ابن عمر في مسند البزار، وفيه إبراهيم بن سعيد الخوزي وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>