للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيَصِحُّ لِعَانُ الأخْرَسِ (ح) وَقَذْفُهُ* وَعَلَيهِ أَنْ يَكتُبَ مَعَ الإِشَارَةِ لِيُتَبَيَّنَ لَفْظُ الْغَضَبِ وَاللِّعْنِ* أَوْ يُورِدَ عَلَيْهِ نَاطِقٌ فَيُشَيرُ بِالإجَابَةِ* فَإِنْ قَالَ بَعْدَ انْطِلاَقِ اللِّسَانِ: لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ* وَلَوِ اعْتُقِلَ لِسَانُ النَّاطِقِ قَبْلَ اللِّعَانِ وَكَانَ يُنْتَظَرُ زَوَالُهُ عَلَى قُرْبٍ أمُهِلَ ثَلاثةَ أَيَّامٍ* وَالعَاجِزُ عَنِ العَرَبِيَّةِ يَقُومُ في حَقِّهِ تَرْجَمَةُ اللِّعْنِ وَالغَضَبِ وَالشَّهَادَةِ مَقَامَهَا وَلَكِنْ لاَ بُدَّ مِنْ تُرْجُمَانَيْنِ يُعرِّفَانِ القَاضِيَ* وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ؟ فِيهِ خِلاَفٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: إن لم يكن للأخرس إشارةٌ مفهومة (١) ولا كتابة، لم يصحَّ قَذْفُهُ ولا لِعَانُه، ولا سائر تصرفاته؛ لتعذُّر الوقوف على ما يريده، وإن كان له إشارةٌ أو كتابة، فيصحُّ قذْفُه ولعانه، وقال أبو حنيفة: لا يَصحَّان حتَّى قال: لو كانَتِ المَرْأة خرساءَ، لم يصحَّ لعان الرجل أيضًا؛ لأنه يُشْترط في اللعان أهليَّة الزوجيْنِ جميعًا، ويَجْرِي الْخِلاَف فيما إذا قَذَف وهُو ناطقٌ ثم خَرس، هل يلاعن؟

لنا: القياس على البَيْع والنِّكاح والطَّلاق وغيرها (٢) بل أَوْلَى؛ لأن اللَّعَن مما تَدْعُو الضَّرورة إليه، وليس كالشهادة؛ حيث لا تُقْبل مِنَ الأخْرَس على أظهر الوجْهَيْن؛ لأن المُغلَّب في اللِّعَان معْنَى الأَيْمَان دون الشَّهادات على ما سَبَق، وأيضًا، فإن الشهادة يقوم بها الناطِقُون، فلا ضرورة إلَى أن يتحمَّلها الأخْرَس، واللِّعَان يختَصُّ بالأَزْوَاج، فإذا كان الزَّوْج أخْرَس، لم يكن بُدٌّ من تصحيحه منْه، ثم المفهوم منْ كَلاَم أكثرهم [و] في "الشَّامِل" وغيره تصريحٌ: أنه يَصحُّ منه اللِّعَان [بالإشارة وحدها وبالكتابة وحدها وذكر المتولي أنه إذا لاعن بالإشارة أشار بكلمة الشهادة أربع مرات ثم بكلمة اللعن]، وإن لاَعَنَ بالكتَابَة، فيكتب كلمة الشهادة، وكلمة اللَّعْن، ويشير إلى كَلِمَة الشَّهادة أربع مرات، [ولا يكف أن يكتب أربع مرات] وهذا الطريق الآخر (٣) جَمْعٌ بين الإشارة والكتابة، وهو جائزٌ، لكن قضيَّة التصْحِيح بالكتابة المُجَرَّدة تكرير كناية كلمة الشَّهَادة (٤).

وأمَّا قوله في الكتاب "وعليه أن يَكْتُب مع الإشَارَة؛ ليتبين لفْظ الغَضَب واللَّعْن أو يورد عليه ناطقٌ، فيشير بالإجابة" واعلم أن الإمَام بعْد نقْل المَذْهَب في صحَّة لعان


(١) في ز: مفهمة.
(٢) في أ: وغيرهما.
(٣) في أ: الأخير.
(٤) ما نقله عن المتولي يقتضي أنه لا يكتفي بتكرير الكتابة، وليس كذلك بل الذي يفهمه كلامه أنه لو تكلف ذلك وكتب كفى: نعم ذكر المتولي في الطلاق أن الإشارة به إنما تعتبر في حق من عجز عن الكتابة فإن قدر فالكتابة هي المعتبرة لأنها أضبط. قال: وينبغي أن يكتب مع ذلك إني قصدت الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>