إحداها: لا يثبت شيْء من أحكام اللعان إلا إذا تمَّت الكلمات الخمْس، وقال أبو حنيفة: إذا حكم الحاكم بالفرقة بأكثر كلمات اللعان، نَفَذ، وأقام أكثر مُقَام الجميع، وإن كان هو مُخْطئًا في الحكم، واحتج الأصحاب بأنَّ هذا الحُكْم غير جائز بالإجماع، فلا ينفذ كسائر الأحكام الباطلة.
الثانية: لو قال بَدَل كلمة الشهادة: أحلِفُ باللهِ أو أُقْسِم أو أولى إني لَمِنَ الصادقين، فوجهان:
أحدهما: صحة اللعان؛ لأن اللعان يمينٌ، وهذه ألفاظ اليمين.
وأصحُّهما: المنع، وتعيين لفظ الشهادة، كما في أداء الشهادة؛ اتباعًا لما ورد به النص، وأجرى في "التهذيب" الوجهين فيما إذا قال: "بالله إني لمن الصادقين" من غير زيادة، وقطع صاحب "التتمة" بالمنع؛ لأن الشرع غلَّظ حكمه بالجمْع بين كلمتين، فلا يجوز الاقتصار على واحِدَة، ويجري الوجهان في إبدال لَفْظ اللعن بالإبعاد، ولفظ الغَضَب بالسَّخط، وفي إبدال اللعن بالغضب، والظاهرُ في الكل المَنْع، وأما إبدال الغَضَب باللَّعُن فمنهم من أجرى الخلاف فيه، وهو الذي أورده في الكتاب، ومنْهم من قطع بالمَنْع، وقال: الغضبُ أشدُّ وأبلغُ من اللعن؛ ولذلك خُصَّ جانب المرأة بلَفْظ الغَضَب؛ لأن جريمة الزنا منْها أقبح من جناية القذف منه؛ ولذلك تفارق الحدَّان، وبنوا على هذا: أن كل مغضوبٍ عليه ملعونٌ ولا ينعكس.
الثالثة: في وجوب تأخُّرِ لفظ الغضب واللعن عن الكلمات الأربع وجهان:
في وجهٍ: لا يجب؛ لأن المعنى لا يختلف، والتغليظ يحصل تأخر اللفظان أو تقدما والأصح الوجوب؛ إتِّباعًا؛ ولأن المعنى إن كان من الكاذبين في الشهادات الأربع، فوجب تقدمهما ويقرب من هذين الوجْهَيْن وجهان ذكرا في أن المُوالاة بَيْن كلمات اللعان، هل تشترط؟ والأشبه الاشتراط حتَّى لو تخلَّل فصْلٌ طويلٌ منع الاعتداد، والمذكرر في "التهذيب": جواز التفريق، ويشترط في اللعان في حق الرجل والمرأة جميعًا أن يأمر الحاكم به، وَيُلَقَّنَ الكلماتِ، فيقول: قل: أشهد بالله، إني لمن الصادقين، إلى آخرها، فلو ابتدأ به، لم يعتبر لأن اللعان يمينٌ، واليمين لا يُعْتد بها قبل استحلاف القاضي، وإن غلبنا معنى الشهادة، [فالشهادة](١) تؤدي عند القاضي، ويشترط أن يُؤخَر لعان المرأة عن لعان الزوج؛ لأن لعانها لإسقاط الحد، وإنما يجب الحدُّ عليها بلعان الزوج، فلا حاجة بها إلى أن تَلْتَعِنَ قبله، وعن أبي حنيفة ومالك -رحمهما الله-: أنه يجوز الابتداء بلعانها. والله أعلم.