للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجتي" عن الاسم والنسب، إذا لم يكن تحته غَيْرُها، وإن كانت المرأة حاضرة عنده، وأشار إليها، وهل تحتاج مع الإشارة إلى التسمية؟ فيه وجهان:

أصحهما: لا، كما في سائر العقود، والحلول كالنكاح والطلاق.

والثاني: نَعَم؛ لأن اللعان مبنيٌّ على التغليظ والاحتياط (١)؛ فيُؤكَّد الإشارة بالتسمية، وقد يقال على قضية هذا التوجيه: لا يُكْتَفَى في الحاضرة بالتَّسْمِيَةِ، ورَفْع النَّسَب، حتى تضم إليهما الإشَارَةُ، بل أَوْلَى؛ لأن الإعراض عن الإشَارَةِ، والعُدُولُ إلى التسمية في الحاضرة قد يجر لبسًا، فإذا لم يُكْتَفَ في حقِّها بالإشارة، فَأَوْلَى أن لا يكتفي بالتسمية، ثم يقول في الخامسة: أَنَّ لَعْنة اللهِ عليْه، إن كان من الكاذبين، فيما رماها به من الزنا وتعريفُها في الغيبة والحضور كما في المرات الأربع، وإذا كان هناك ولَدٌ ينفيه، يتعرض له في الكلمات الخمس، فيقول: "وأنَّ الولد الذي ولَدَتْه، أو هذا الولد، إن كان حاضرًا، من الزنا وليس مني فلو قال: "هو من زنا" واقتصر عليه، فوجهان، أجاب كثيرون: بأنه لا يَكْفِي، ولا ينتفي به الوَلَدُ؛ لأنه قد يعتقد الوطء بالشبهة أو وفي النكاح الفاسد زنًا.

وأصحهما، على ما ذكر في "التهذيب": الاكتفاء به؛ حملاً لِلَّفظ على حقيقته، وإذا كان من زنا، لم يلتحق به، ولو اقتصر على أنه ليس مني فالمشهور أنه لا يكفي؛ لإحتمال أن يراد به عدم المشابهة خَلْقًا وخُلُقًا، وفيه وجه، ولو أغفل نَفْي الولد بَعْض الكلمات الخمس، إحتاج إلى إعادة اللعان لنفيه، ولا تحتاج المرأة إلى إعادة لعانها، بل يقع معْتَدًّا به، وحكى أبو الفرج السرخسي تخريج قَوْلٍ فيه.

وصورةُ لعانِ المرأة: أن تقول أربع مرات: أشهد باللهِ إِنَّه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، وفي الخامسة أن غضب الله عليَّ إنْ كان من الصادقين، فيما رماني به، والقول في تعريفه غائبًا وحاضرًا، كما ذكرنا في جانب المرأة، ولا تحتاج إلى ذكر الولَد؛ لأن لعانها لا يُؤثِّر فيه، ولو تعرَّضت له لم يضُرَّ، [و] في "جمع الجوامع" للقاضي الرُّويانيِّ: أن القفَّال حكى وجهًا ضعيفاً: أنها تَذْكُر الولَدَ، فتقول: وهذا الولد ولده، ليستوي اللعان ويتقايلان، ثم الكلام في صور:


(١) ما صححه خلاف ما عليه الجمهور، وما يقتضيه نص الشَّافعي في الأم والمختصر فإنه قال: اللعان أن يقول الإِمام للزوج قل أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة ابنة فلان من الزنا ويشير إليها إن كانت حاضرة.
قال ابن الرفعة: وهو ظاهر في عدم الاكتفاء بالتسمية. قلت: وهو قضية كلام الجمهور تصريحًا وتلويحًا كما يشعر إليه، وأطلق جماعة الخلاف بلا ترجيح فمنهم المحاملي وصاحب البيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>