للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أردتَّ القذف في الحال، واستبعده ابن الصَّباغ وغيره؛ لأن الواو في مثله للحال، والسابِقُ إلى الفَهْم تعليق الزنا بتلْك الحالة؛ ولذلك يقال: لو قال: أنتِ طالقٌ، إن دخَلْتِ الدار، وأنتِ مسلمةٌ، يتعلَّق الطلاق بالدخول في حالة الإِسلام، ولو أطلق النسبة إلى الزنا، ثم قال: أردتُّ في الصغر أو في الكُفْر أو في الجنون والرق، فالمشهور أنه لا يُقْبَل منه ذلك؛ لأنه قذف في الحال ظاهرًا، وأنه موجبٌ لِلْحَدِّ، ولا فَرْق في ذلك بيْن أن تُعهَدِ لها تلْك الحالة أو لا تُعْهَد، فإن قال: هي تعلم أني أردت ذلك حلفت على نفي العلم، وحُدَّ، وفي أمالي أبي الفرج السرخسي: أنه يُقْبَل إذا عُهِدَت لها تلْك الحالة، ويجب التعزير، وإن لم تُعْهَد، فعلى قولين (١)، والصورة شبيهةٌ بما إذا قال: أنتِ طالقٌ، ثم قال: أردتُّ إن دخلَتِ الدار، وقد سَبَق القول فيها.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرُّكْنُ الرَّابعُ: اللَّفْظُ) وَالنَّظَرُ فِي أَصْلِهِ ثُمَّ في تَغْلِيظَاتِهِ وَسُنَنِهِ (أَمَّا اللَّفْظُ) فَأَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاللهِ إِنِّي لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا* وَفِي الخَامِسَةِ أَنَّ لَعنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ* وَيَجِبُ إعَادَةُ ذِكْرِ الوَلَدِ فِي كُلِّ مَرَّةِ إِنْ كانَ ثَمَّ وَلَدٌ* وَالمَرْأَةُ تَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ* وَفِي الخَامِسَةِ أَنَّ غَضَب اللهِ عَلَيْهَا إَنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ* وَلَيْسَ عَلَيْهَا إِعَادَةُ ذِكْرِ الوَلَدِ* وَلاَ يَقُومُ (ح) مُعْظَمُ الكَلِمَاتِ مَقَامَ الجَمِيعِ* وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَعَيَّنُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فَلاَ يُبْدَلُ بِالحَلِفِ* وَلاَ لَفْظُ الغَضَبِ بِاللِّعْنِ* وَالأَصَحُّ أنَّهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي تَأْخِيرِ اللَّعْنِ* وَتَجِبُ المُوَالاة بَيْنَ الكَلِمَاتِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المقْصُود الآن القوْلُ في كيفية اللِّعَان، وهو مُدْرَج في ثلاثة فصول: أحدها: في ألفاظه الأصليَّة، والثاني: في التغليظات المشروعة فيها، والثالث: في سنتها.

أما الفصل الأول، فكلمات اللعان خَمْسٌ: وهي أن يقول الزوج أرْبَعَ مرَّاتٍ: أشهد بالله إنِّي لمن الصادقين فيما رمَيت به زَوْجَتِي من الزنا، ويسميها، ويرفع في نَسَبِها قَدْرَ مَا يَحْصُل به التمييز، إن كانَتْ غائبةٌ عن البَلَد، أو لم تَكُنْ معه في المَسْجد؛ لحيض أو كُفْر وفي تعليق الشيخ أبي حَامِدٍ: أنه يَرْفَع في نسبها قَدْرَ ما تتميَّز عن سائر زوجاته، إن كان في نكاحه غَيْرها، وقد تشْعِر هذه اللفظة بالاستغناء بقوله "فيما رميتُ به


(١) ما قاله السرخسي والمتجه كما قال بعضهم؛ لأن القذف إخبار عن زنا سابق مسكوت عن زمنه، ولا دلالة بلفظ على زمن بخصوصه، ولا ظاهر يقتضي زمنًا معينًا فإذا أراده بزمن معهود فقد ادعى أمرًا محتملاً وأزال ما قد يسبق إلى اللهم من نسبتها إلى الزنا في حال الثمال وما يلحقها به من المعرفة والحدود تُدرأ بالشبهات فينبغي تصديقه في ذلك، وليس كقوله أنت طالق.

<<  <  ج: ص:  >  >>