للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمَقْذُوفة، وهذا أَحْسن، وذكر الإِمام أن الأئمة -رحمهم الله- صحَّحوه، وعليه جَرَى صاحب الكتاب، وعلى هذا، فالوَجْه أنْ يقال: إنْ كَانَ يتوقَّع زواله إلى ثلاثة أيَّام، فَينْتَظِر، وإلا، فلا يَنْتَظِر إصلاً.

الثانية: مَنْ لا يُحْسِن العربية أصلاً يلاعن بلسانه، ويراعي ترجمة الشهادة واللعن والغضب، وفيمن يُحْسِنها وجْهان:

أحدَهُما: أنه لا يُلاَعن إلا بالعَرَبيَّة؛ لأنَّ الشرع وَرَدَ بها؛ فلا عدول عنها عند القُدْوة، كما في أركان الصَّلاة.

الثاني: يُلاَعن بأيِّ لسان شاء؛ لأنَّ اللِّعَان، إما أن يُغَلَّب فيه معنى الْيَمِين أو الشهادة، وهما باللغات (١) سواءٌ، وهذا أقوى وأظهر، وأجاب كثيرٌ من العراقيين بالأَوَّل، وإذا جرى اللِّعان بغَيْر العربية، فإن كان القاضِي يُحْسن تلْك اللغة، فلا حاجَةَ إلَى المترجم، وُيسْتَحَبُّ أن يحضره أربعة مِمَّنْ يُحْسنها، وإن لم يُحْسِنْها، فلا بُدَّ مِنْ مُتَرجُمَين، وُيكْتَفَى بهما في جانب المرأة؛ فإنها تلاعن لنَفْي الزنا لا لإثباته، وفي جانب الزَّوْج [طريقان أحدهما: أنه على قولين مبنيان على أن الإقرار بالزنا هل يثبت بشاهدين أم يشترط أربعة؛ لأن لعان الزوج] قول يثبت به الزنا عليها، كما (٢) أن الإقرار بالزنا قول يَثْبُتُ به الزنا.

والثاني، وُيرْوَى عن أبي إسحاق، وأبِي الطيِّب بن سلمة: القطع بالاكتفاء بشاهدَيْن؛ لأنه نقْلُ قوْل إلَى القاضي، فصار كسائر الأقْوَال، وهذا أصَحُّ فيما ذكر القاضي الرُّويانيُّ في جَمْع الجوامع، وإذا قيل بالنَّظَر (٣) عنه الأُولَى، فالأصحُّ في مسألة الإقْرَار ثبوته برجُلَيْن.

وقوله في الكتاب "فيه خلاف" إن حُمِلَ على الطريقَيْن، فذاك، وإلاَّ فيَجُوز إعْلامه بالواو للطريقة القَاطِعَة.

وقوله، "ولكن لا بدَّ من ترجمانين" يجوز إعلامه بالحاء؛ لأنَّ عند أبي حنيفة يَكْفِي مترجِمٌ واحدٌ، وسيأتي ذَلِكَ في أدَب القضاء، إن شاء الله تعالى.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (أَمَّا التَّغْلِيظُ) فَهُوَ بالزَّمَانِ وَالمَكَانِ وَالجَمْعِ (أَمَّا الزَّمَانُ) فَبِالتَّأْخِيرِ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ* وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبٌ حَاثٌّ فَيَوْمَ الجُمُعَةِ (وَأَمَّا المَكَانُ) فَأشْرَفُ مَوَاضِعِ البَلَدِ وَهُوَ مَقْصُورَةُ الجَامِعِ* وَفِي مَكَّةَ عِنْدَ المَقَامِ* وَفِي المَدِينَةِ بَيْنَ المِنْبَرِ وَالمَدْفَنِ* وَفِي


(١) في ز: باللعان.
(٢) في أ: كان.
(٣) في أ: عند.

<<  <  ج: ص:  >  >>