للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابِعَةُ): إِذَا مَاتَ الوَلَدُ فَلَهُ اللِّعَانُ (ح) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلوَلَدِ وَلَدٌ حَيٌّ* وَلَوْ نَفَاهُ فَلَمَّا مَاتَ اسْتَلْحَقَهُ قَبْلُ وَوَرِثَهُ* وَكَذَلِكَ لَوْ نَفَى بَعْدَ المَوْتِ ثُمَّ اَسْتَلْحَقَ عَلَى الأَظْهَرِ (و).

قَالَ الرَّافِعِيُّ: كما يجوز نفي الولد باللعان في حَيَاته، يجوز نفيه بعْد موته؛ لأنَّ نسبه لا ينْقَطِع بالموت بل يقال: مات ولد فلان، وهذا قبر (١) ابن فلان، ولأنه يحتاج إلى إسقاط مؤنة التجهيز والدفن، ولا فرق بين أن يخلف الميِّتَ وَلداً؛ بأن كان الرجُل غائباً، فكبر المولودَ، وتزوَّج، ووُلِدَ له، وبين أن لا يُخلِّف.

وعند أبي حنيفة: إن حلَّف ولداً، جاز نفْيُه باللعان، وإلا، فلا، ولو مات أحد التَّوْءَمَيْنِ قبل اللعان، فعندنا: له أن يلاعن وينفي الحي والميت جميعاً، وعنده: إذا مات أحدهما، استحكم نسبهما وبطل (٢) النفي، ولو نفى ولداً باللعان، ثم مات فاستلحقه لحقه، وأخذ بالإرث ماله ودينه إن قُتِلَ، سواء خلَّف ولداً أو لم يُخلِّف، وذلك لأن النسب يُحْتَاط لثبوته، والظاهر: أنه لا يلزم نفسه الحدّ، ولا يلحق به غير ولده طمعاً في المال، وعنْد أبي حنيفة: إن خلَّف الميت ولداً، صح استلحاقه، وإلا، فلا، ولو نفاه بعد الموت، ثم عاد واستلحقه فيه وجهان:

احدهما: لا يلحقه؛ لأنَّه إذا نفاه بعْد الموت، فقد أسقط الإرْث، ولا رجُوع إلَيه، بخلاف النفْي في الحياة.

وأصحُّهما: اللحوق؛ لأن النَّسَب يُحْتَاط لثبوته، وإذا ثبت النَّسَب، ثبت الإرث، وعلى هذا، فلو قُسِّمت تركته، اتبعت القسمة بالنقض، وقد سب طَرَفٌ من هذا في الفرائض.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الخَامِسَةُ) حَقُّ نَفْيِ الوَلَدِ عَلَى الفَوْرِ وَيسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ عَلَى قَوْلٍ* وَلاَ يَسْقُطُ إِلاَّ بالاِسْتِلْحَاقِ عَلَى قَوْلٍ* وَيُمْهَلُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى قَوْلٍ* فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ عَلَى الفَوْرِ فَلَوْ صَبَرَ عِنْدَ الحَمْلِ إِلَى انْفِصَالِ الوَلَدِ جَازَ* وَلَوْ قَالَ عَرَفْتُ الحَمْلَ وَلَكِنِ انْتَظَرْتُ الإِجْهَاضَ جَازَ عَلَي وَجهٍ* وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَسْمَعِ الوِلاَدَةَ إِلاَّ مِنْ فَاجِرٍ فَلَمْ أُصَدِّقْ عُزِّرَ* أَمَّا مِنْ عَدْلَيْنِ فَلاَ* وَمِنْ عَدلٍ وَاحِدٍ فَوَجْهَانِ* وَلَوْ قِيلَ لَهُ: مَتَّعَكَ اللَّهُ بِوَلَدِكَ فَقَالَ: آمِينَ فَهُوَ اسْتِلْحَاقٌ* وَإِنْ قَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً أَوْ أَسْمَعَكَ اللَّهُ مَا يَسُرُّكَ فَلاَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا أتت امرأتُه بولَدٍ، فأقر بنسبه، لم يكن له النفْيُ بعد ذلك؛ لأن


(١) في أ: ولد.
(٢) في ز: ويطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>