للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزوال الفراش، وليس هذا كما إذا بانَتْ زوجته بطلاق أو لعان وغيرهما، وانقضت عدَّتها بالإقراء، ثم أتت بولدٍ لما دون أربع سنين من وقْت البينونة، يلحقه الولد (١) إلا أن ينفيه باللعان؛ لأن هناك إنما يُحْكَم بانقضاء العدة ظاهراً، ومن الجائز أنها قد حاضت على الحَمْل، وكانت حاملاً يوم الإبانة (٢) فألحقنا، الولد بالإمكان، وهاهنا نَقْطع ببراءة الرَّحِم بوضع الولد الأوَّل، فيكون الثاني حادثاً بعد البينونة، قال الشيخ أبو حامد -رحمه الله- وكذلك الحُكْم لو طلقها أو مات عنها، فانقضت عدَّتُها بوضح العمل، ثم أتَتْ بولدٍ لستة أشهر، فصاعدًا من يوم الوَضْع [لا] يلحقه الولد الثاني.

قال في "الشامل": ولا ينظر إلى احتمال حدوثه من وطء شبهة؛ لأن ذلك لا يَكْفِي لِلُّحوق، وإن كان محتملاً؛ لأنه بعد البينونة كسائر الأجَانِب، فلا بد من اعترافه بوطَء الشُّبْهة وادعائه الولد، وعن القفَّال: أنه إذ لم يُلاَعِن لنفْيِ الثاني، يلحقه الثاني، كما ذكرنا فيما إذا لاعن عن الولد المنفصل، ثم أتت بالثاني.

قال الرُّويانيُّ -رحمه الله-: وهذا غَلَطٌ، ولم يذكره غيره، وفي "المولَّدات" تفريعاً على ما عُهِدَ في الفصّل: أنه إذا أتتْ زوجته بولَدٍ، فنفاه باللعان، فإذا ألحق الثاني، لَحِق الأول، ولو كان بينهما ستة أشهر فأكثر (٣)، لحق الثاني دون الأول، ولو نَفَى الحمل، ومات، وولدت ولداً آخر، وبينهما أقل من ستة أشهر ينتفيان جميعاً؛ لأن العمل اسمٌ لجميع ما في البَطْن، وقد نفاه.

وأما قولُهُ "وبين التوءمين" إلى آخره، فإذا أتَتْ بولدَيْن من بطْنٍ واحدٍ، ونفاهما باللعان، فهما أخوان لأم أو أخوان لأب وأم. فيه وجْهَان، قد أوردناهما في الفرائض:

أصحهما: أنهما أخوان لأمِّ لا غير، وقد ذكر في الكتاب المسأَلَة هناك، واقتصر على ذكر الأصحِّ، بم هاهنا تعرَّض للخلاف، ولا يختص الجواب بالتوءمين [المنفيَّيْن] بل يجري في غير التوءمين المنفيين بلعانٍ واحدٍ أو بلعانَيْن، وولدا الزنا يتوارثان بأخُوِّة الأم، وحكَيْنا في الفرائض وجْهاً آخر، وقد ذكر القاضي أبو الطيِّب وغيره أن ذلك الوجْه اختيار الداركيِّ، وقد يُجْمع بين المنفيين باللعان وولدي الزنا، ويقال: في كيفية توارثهما ثلاثة أوجه: الثالث: الفرق بين المنفيين باللعان فيتوارثان بأخوة الأبوين، وبين ولدَيِ الزنا، فيتوارثان بأخوة الأم، والفرق أن المنفيِّ باللعان يعرض اللحوق بأن يكذب نفسه، وولدا الزنا بخلافه، يُحْكَى وجْه الفَرْق عن أبَوَيْ علي بن أبي هريرة والطَّبَريِّ، -رحمهما الله-.


(١) في أ: البينونة.
(٢) في أ: وألحقنا.
(٣) في أ: فأكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>