للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجها (١) يقوم مقام وطء الشبهة، ولا اعتبار بِقَوْل الأطبَّاء: إن الماء إذا ضرَبَهُ الهواء، لم ينعقد منْه الولد، فهو شيْء مقول بالظَّنِّ لا ينافي الإمْكَان وفي "التتمة" حكاية وجه آخر: أن الاستدخال لا يوجب العدَّة إعراضاً عن النظر إلى شغل الرحم وإدارة للحكم على الإيلاج، ولا تقوم الخَلْوة مقام الدُّخول في القول الجديد، على ما مَرَّ في كتاب الصَّدَاق، قال الأئمة: ولمَّا كانَتِ عدَّة الطلاق لِطَلَب البراءة، لم تجب بالفراق عن مُطْلَق النكاح، بل اعتبر جريان سبب شغل الرحم؛ ليحتاج إلى معرفة براءته، ثم لا يُعتبر تَحقُّق الشغل، ولا تَوَهُّمُه، فإنَّ الإنزال خفيٌّ يختلف في حقِّ الاشخاص، وفي الشخص الواحد باعتبار ما يَعْرض له من الأشغال، فيعسر تَتبُّعه ويفتح، فأعرض الشرح عنْه، واكتفى بسَبَب الشّغل، وهو الوطء، الوطء بتغييب قَدْر الحشفة، وهذا صنيعه في تعْلِيق الأحكام بالمعاني الخفيَّة؛ ألا ترى أن للاعتقاد الصحيح الَّذي هو المطلوب. وبه تحصل النجاة، لَمَّا كان أمراً خفيًّا؛ لكونه في الضمير، عُلِّقت الأحكام بالكلمة الظاهرة، حتَّى لو توفَّرت القرائن الدالَّة على أن الباطن يُخالِفُ الظَّاهر، كما إذا أُكْره على الإسلام بالسيف، لا يُبَالَي بها، ويدير الحكم على الكلمة، وأن مناط التكليف، وهو العقل والتمييز، لما كان خفيًّا يحصل على التدريج، ويختلف بالأشخاص والأحوال أعرضنا عن تتبعه ومعرفة كَمَالِهِ، وعلَّقنا البلوغ بالسن أو الاحتلام.

إذا عُرِفَ ذلك، فلو طلَّق الخَصِيُّ زوجته بعد ما دخل بها، وجبت العدة، وإن بَعُد احتمال العُلُوق منه، على أنَّا قد ذكرنا أنَّه يلْحَقه الوَلَد على الأظْهَر، والمراد من الخَصِيِّ المسلول الخصيتين البَاقِي الذَّكَرِ، وأما مجبوب الذَّكَر الباقي الأنثيين، فلا يوجد منه الدُّخُول، فلا تجب عدَّة الطلاق على زوجته، إذا كانت حَائِلاً، فإن ظَهَر بها حمْل فقد ذكرنا في اللعان: أنه يلحقه الولد، فعليها العدة بوَضْع الحمل، والممسوح الذي لم يبق له شَيْءٌ لا يِتَصوَّر منْه دخول، ولو أتت بولد لا يلحقه على الظاهر، فلا يجبُ على زوجته عِدَّة الطلاق، ووطء الصبي، وإن كان في سنٍّ لا يولد له، يكفي في إيجاب العدة من الطلاق لأن الوطء شاغلٌ في الجملة على ما ذَكَرْنا، ولذلك لو عُلِّق الطلاق على براءة الرَّحِم يقيناً، وحصَلَت الصفة، وقَع الطلاق، ووجبت العدة، إذا كانت مدخولاً بها، ثم إن المصنِّف أودع الكلام في عِدَّة الطلاق في بابَيْن:

أحدهما: في كيفية العدة في الحرائر والإماء.

والثاني: في أنَّه إذا تعدَّد السبب الموجِبُ للعدة، متى تتداخل العدة، ومتى يمتنع التداخُل، وبَيَّن في صدْر الباب أن عدَّة الطلاق ثلاثة أنواع: الأقراء، والأشهر،


(١) في ز: زوجاً لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>