قَالَ الرَّافِعِيُّ: القَرْء بالفتح يُجْمع على أَقْراء وقُرُوء وأَقْرُؤ، ويقال أيضاً: قُرْء بالضم، وزعم بعضهم أن القَرْء بالفتح هو الطهر وهو الذي يجمع على فُعُول، كَحَرْب وحُرُوب، وضَرْب وضُرُوب، والقُرْء بالضم الحيْضُ، ويُجْمع على أَقْرَاء كفعل وأفعال، والصحيح أنه لا فَرْقَ بين الضم والفتح، ويقع هذا الاسم على الحيض والطهر جميعاً، والحيض هو المراد فيما روي أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لفاطمة بنت أبي حُبَيش:"دَعِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ" وفي قولهم: دفع فلانٌ جارِيَتَهُ إلَى ثلاثة تقرئها أي تمسكها حتَّى تحيض عنْدها، للاستبراء والطُّهْر هو المراد، بما روي أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال لابْن عمر -رضي الله عنه- وقد طَلَّق امرأته في الحَيْض "إنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِهَا الطُّهْرَ ثُمَّ تُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلقَةً" وقول الأعشى:
...................... ... لمَا ضَاعَ فِيهَا من قُروءِ نِسانكَا (١)
والكناية راجعة إلى الفرقة؛ والَّذي يضيع في غيبة الزوج طُهْر المرأة، وأما الحيض، فيستوي في حال الحضور والغيبة، ويقال: أقرأت المرأة فهي مُقْرِئٌ، إذا حاضت، وأقرأت إذا طَهُرَت، وقد قيل: إن اللفظة مأخوذةٌ من قولهم: قَرَأْتُ الطَّعَامَ في الشِّدْف، وقرأْتُ الماء في الحوض، أي: جمعْتُه، وقد تُحْذَفُ الهمزة، فيقال: قَرَبْتُ المَاءَ.
وزمان الطهر تجمع الدم في الرحم، وزمان الحيض تجمع شيئاً وترسل شيئاً، إِلى أن يدفع الكُلُّ، فيحصل معنى الجمع فيهما، وقيل: الأصل فيه الضَّمُّ، يقال: ما قَرَأَتْ فلانة جنيناً أي: لم تَضُمَّ رَحِمُهَا على وَلَدٍ، ومنه يسمى القرآن قُرْآناً؛ لأنه يضم السور والآيات، وهذا والجمع متقاربان، وقيل: هو مأخوذ من القرء والقارئ، وهو الوَقْت الذي يأتي فيه الشَّيْء، يقال: أَقْرَأَتْ حاجَتُكَ، أي دَنَتْ وَأَقْرَأَتِ الريح، إذا هبت لوقتها، وأَقْرَأَتِ المَرْأةُ، إذا دنا وقْتُ حَيْضَها أو طُهْرها، والقرء ذلك الوقت.