للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلاق، وتكون كما إذا طَلَّق ذَاتَ الأَشْهُر في أثناء الشهْر الهلاليِّ، فتعد المنكسر، وتمكث شهرَيْن بالأهلة، وتتم المنكسر ثلاثين أو تَعُدّ تسعين من يوم الطلاق، على خلاف سنذكره، وعلى هذا، ينطبق قوله في الكتاب "وإن بَقِيَ أقلُّ فلا بدَّ من ثلاثين يوماً للشهر المنكسر" إلى آخره، وهذا لم أره في المستحاضة الناسية، إلا في هذا الكتاب، واعلم أن الشافعيَّ -رضي الله عنه- قال في "المختصر": فإذا أهلَّ الهِلاَل الرَّابع، انقضتْ عدَّتها، يعني الناسية، [و] في رواية الربيع -رحمه الله-: أنه قال: إذا أهلَّ الهلالُ الثالثُ، انقضَت عدَّتُها، وكذلك نُقَل عن رواية المزنيِّ في "الجامع الكبير" وللأصحاب فيهما طريقان، فالذين جعلوا الباقي من الشَّهْر قرءاً كم كان قالوا: إنه عُدَّ على رواية المزنيِّ الشَّهْر الذي وقع فيه الطلاق من الأهِلَّة؛ لأنه محسوب من الأقراء، فكذلك يُحْسَب من الأهلة، وعلى رواية الرَّبيع: لم يعدَّه من الأهلة؛ لأنَّه متقدِّمِ على وقوع الطلاق، ولا خلاف في الحقيقة، والذين شَرَطوا أنْ يكون الباقي أكْثر من خَمْسة عشر، حَمَلوا رواية المزنيِّ على ما إذا كان الباقي خمْسةَ عَشَر فما دونها، وقالوا: الذي ذكره ذَهَابٌ إلى أنه لا يُحْسَب قرءاً وتعتد بعده بثلاثة أشهر، فإذا أهلِّ الهلال الرابعُ، انقضت العدة، وحملوا رواية الرَّبِيعِ على ما إذا كان الباقي أكْثَرَ منْ خمسة عشر، فتعتد به قرءاً، وتمكث بعده شهرين، فإذا أهل الثالث، انقضت العدةُ، والشَّهرُ الَّذي وقع فيه الطلاقُ على هذه الطريقةِ غَيْر محسوب من الروايتين جميعاً، ولو كانت الناسية منقطعة الدم ترى يوماً دماً، وآخر نقاءً، فلا تنقضي عدتها ما لم يمض ثلاثة أشهر، سواءٌ قلنا بالتلفيق، أو لم نَقُلْ، والأطْهار والنَّاقصة المتخلِّلة بين الدماء لا تنقضي بها العدَّةُ بحال، وهذا قد وَقَع التعرُّض له في الحيض، وقوله في الكتاب "والعدة بالأقراء ظاهرة في المستقيمة العادة" عني بالمستقيمةِ العادةِ التي لها حَيْضٌ وطُهْرٌ صحِيحَانِ، وفي بعض النسخ "والحيض والأقراء ظاهرة" وهو قويم أيضاً.

وقوله: "وكذلك في المستحاضة المميِّزة الحافظةِ للعادة" يعني أن الأمر ظاهر في حقهما أيضاً؛ لأن لهما مرداً يردان إليه حيضاً وطُهْراً.

وقوله "وأما الناسية، فيكفيها ثلاثة أشهر بالأهِلَّة" يجوز أن يُعلَم قوله "بالأهلة" بالواو؛ لأنه حُكِيَ عن القفَّال وجْه: أن الناسية لو كانَتْ قد جُنَّت في الصِّغَر، ثم أفاقت


= والطهر سوى الهلال. وقال في المطلب: الصحيح أن الأشهر غير مقصودة لعينها بل لجرها، وعليه نص في الأم. انتهى.
الثاني: ما حكاه عن إشارة بعضهم من قضية كلام ابن أبي هريرة في تعليقه وأدخلها في الآية وبذلك صرح الماوردي، وأن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر من وقت الطلاق سواء طلقها في ابتداء شهر أو في أثنائه، وادعى أنه ظاهر النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>