بعد البلوغ، وقد استمر بها الدَّمُ، ولا يُعرف أنه كيف كان حيضها وطهرها، يجعل ابتداءُ شهرها يوم إفاقتها، وتَعْتَدُّ من يومئذٍ ثلاثين ثلاثين، وقد ذكَرْنا هذا طرفاً منه في "كتاب الحيض".
وقوله "وإن بقي أقلُّ فلا بد من ثلاثين يوماً للشهر المنكسر وشهرين آخرين" يجوز إعلامه بالواو؛ لأمرين: أحدهما: للوجه الذاهب إلى أن الباقي، وإن كان أقلَّ من خمسةَ عَشَرَ، يُحْسب قرءاً، ويكفيها معه شهران آخران.
والثاني: ما ذكرنا أنه من تفرُّدَات الكتاب، وأن الذي يُوجَد لغيره تفريعاً على أن الباقي إذا كان دون خمسةَ عَشَرَ لا يُحْسب قرءاً؛ لأنها تمْكُث ثلاثةَ أشْهُرٍ بالأهلَّة بعد تلك البقية.
وقوله "وقيل: إنَّ عَلَى النَّاسِية الصَّبْرَ إلَى سِنَّ اليَأْسِ" هو الوجه المفرَّع على قول الاحتياط، المقابل لقوله أولاً "فيكفيها ثلاثة أشهر بالأهلة" والله أعلم.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الصِّنْف الثالث: اللواتي لا يَريْنَ الدم لِصِغر أو يأْس يعتَدِدْنَ عن الطلاق بثلاثة أشهر، قال تعالى:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤] وليس المراد من الصغيرة التي لم تَبْلُغ بل التي لم تَحِضْ كما هو لَفْظ القرآن، سواء بلَغَتْ سن المحيض، أو لم تبْلُغ، وعن أحمد في إحدى الروايتين: أن التي بلَغَتْ سنَّ المحيض تتربَّص تسعة أشهر، هي غالب مدة الحمل؛ لتظهر براءة الرَّحِم، وثلاثة أشْهُر بعدها.
وقوله في الكتاب "ولو رأَتِ الصَّغيرة دماً قبْل تسْعِ سِنِينَ، فدَم فَسَادٍ" لا ضرورة إلى ذكره هاهنا، فالقول في سن الحيض قد سَبَق في "كتاب الحيض"، والمذكور هاهنا هو الجواب الأصح، ويجوز أن يُعْلَم بالواو؛ للوجه الذاهب إلى أنَّ أوَّل السنة التاسعة أوَّل إمكان الحيّض، والوجه الآخر، أنَّه يدْخل وقْت الإمكان بمضي ستة أشهر منْها، والكلام في سنِّ اليأس سيأتي من بعد، ولو ولَدَتِ المرأة ولم تر حيضاً قبل الولادة ولا تقاسا بعدها، فتعتد بالشُّهور؛ لظاهر الآية أو هي كمن انقطع دمُها بلا سببٍ ظاهر؛ لأن الحَمْل لا يكون إلا لذوات الأَقْراء، فيه وجهان، وينسب الأول إلى الشيخ أبي