أصناف النسوة وأحوالهن في الحَيْض والطُّهر تأدى ذلك إلى القول في الأشهر وكيفية الاعتداد بها، ويولج النوع الثاني في الأول.
أما الثالث: فوضع الحمل أحد أسباب انقضاء لعدة، قال الله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤] ويشترط في انقضاء العدة بالحمل شرطان:
أحدهما: أن يكون الحْمل منسوبًا إلى مَنْ العدة منه إما ظاهراً وإما احتمالاً، فالأول: ظاهرٌ، والثاني: كالولد المنفي باللِّعان، وإذا لاعن عن الحامل، ونفى الحَمْل ثم وضعته، انقضت عدتها به، وإن انتفى الولد في الظاهر؛ لأنه يمكن أن يكون الأمر كما تزعمه، والقَوْل في العدة قول المرأة إذا تحقَّق الإمكان، أما إذا لم يُتصوَّر أن يكون الولد منه، كما إذا مات الصبيُّ الذي لا ينزل، ولا يجامع، وامرأته حاملٌ، لم تنقض عدَّتها بوضع الحمل، بل تعتد بالأشهر، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: إن مات، وحملها ظاهر، انقَضَتْ عدتها بوَضْع الحَمْل، وإن ظَهَر الحمل بعْد موته لم تنقض العدة.
لنا: أنه منفيٌّ عنه يقيناً، فأشبه ما سلمه.
والممسوح الذي لم يتق ذكره وأنثياه، لو مات وامرأته حاملٌ لم تنقص عدتها بالوضع؛ بناءً على ما مَرَّ أنه لا يلْحَقه الولَدُ في ظاهر المَذْهب، وعن أبي بكر الصيرفي والإصطخري: أنه يلحقه الولد، وهو جواب القفَّال، ويُحْكَى ذلك قولاً للشافعيِّ -رضي الله عنه-، وقد قدمنا ذكْره، وعلى ذلك القول تنقضي عدَّتها بالوضّع، والمسلول الخصيتين الباقي الذَّكَرِ كالفحل في لحوق الولد على الظاهر، فتنقضي العدة عنه بالوضع سواء في ذلك عدة الوفاة والطلاق.
وفيه وجه: أنه لا يلحقه الولد، فعلى ذلك الوجه لا تنقضي العدة، وعن حكايته القاضي أبي الطيِّب وجه: أنه إن كان مسلول الخصية اليمنَى، لا يلحقه الولد، وإن بقيت اليسرى؛ لأنه يقال: إن الماء من الخصية اليُمْنى، والشَّعْرُ من اليسرى، ونقل القاضي الرُّويانيُّ -رحمه الله- في "جمع الجوامع": أنه كان الإِمام أبو بكر بْن الحدَّاد فقيد الخصية اليمنى، وكان لا يُنْزِل، وكانت لحيته طويلةً، وهذا شيء لم يعتمده الأكثرون.
والمجبوب الذكر الباقي الأثنيين، قد تقدَّم أنه يلحقه الولد، فتعتد امرأته عن الوفاة بوَضْع الحمل، ولا تجب عدة الطلاق عليها؛ لأنها إنما تجب بعْد الدخول، ولا يُتصوَّر منْه (١) دخول.
(١) ما قاله من اعتدادها بالوضع مشكل فإن الحمل إذا نسب إليه فلا يخلو إما أن يكون إمكانه بالإيلاج أو باستدخال المني، لكن الأول باطل؛ لأن الغرض أنه مجبوب فتعين الثاني، واستدخال المني في الطلاق يوجب العدة فكذا هاهنا، ومراده أن عدة الوفاة تجب على زوجته تارة بالأشهر، =