للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهر لا يدل على البراءة، وإنما اكتفينا بالبناء على أحد الوجهين؛ تفريعًا على القديم؛ لأنه قد مضت مدة العمل عقيب الإقراء، ووجد ما يدل على البراءة، فجاز أن لا يستانف، وهاهنا بخلافه، وإن قلنا تؤمر بالتربص، فيشبه أن يجيْء في البناء والاستئناف الخلاف المذكور في التفريع على القديم، وإن رأت الدم بعْد تمام الأشهر، فإن لم تنكح بعْد، ففيه قولان:

أحدهما: أنها لا تنتقل إلَى الأقراء لانقضاء عدتها في الظاهر بالأشهر، وصار كما إذا رأت الصغيرةُ بعد الأشْهر دماً.

وأصحُّهما: الانتقال؛ لأنه تبيَّن أنها ليست من اللاتي يئسْن، فتكون من ذوات الأقراء، وتخالف الصغيرة، فإنها تعتدُّ بالأشهر من حيث إنها لم تحض، ورؤية الدم لا تمنع صدْق القول، بانها لم تحض، وقرَّب القفَّال وغيره هذا الخلاف من الخلاف فيما إذا أناب المعضوب فشفى، أو رأَوْا سوادًا، فظَنُّوه عَدُوًّا، وصلَّوْا صلاة شدة الخوف، فبان خلافه، وإن كانت قد نكحت، فطريقان:

أحدهما: أن القولَيْن يَطَّردان، فإن قلنا: تنتقل إلى الأقراء، تبيّن بطلان النكاح.

والثاني: وهو الذي أورده صاحب "الشامل" و"التتمة" في كتابهما: القطع بعدم الانتقال؛ لِتعلُّق حق الزوج والشروع في المقصود كالمتيمم إذا رأى الماء بعد الشروع في الصلاة، وإذا أطْلَقْتَ، قلتَ: في المسألة ثلاثة أقوال، كما في الكتاب.

ثالثها: الفرق بين مَا إذا نُكِحت أو لم تُنْكح، وهذا أشبه بالرُّجْحان على ما يدل عليه كلام أكثرهم، وفي "التهذيب": أن الصحيح [لزم الانتقال] بكل حال، وإذا عرفت ما ذكرنا، أعلمت قوله في الكتاب "فتستأنف الأشهر قطعاً" بالواو، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (النَّوْعُ الثَّالِثُ) هُوَ العِدَّةُ بِالحَمْلِ فَإِنَّ النَّوْعُ الثَّانِيَ هُوَ الأَشْهَرُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ* وَلانْقِضَاءِ العِدَّةِ بِهِ شَرْطَانِ: (أَحَدُهُمَا): أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ ممن مِنْهُ العِدَّةُ أَوْ يُحْتَملُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ كَوَلَدَ اللِّعَانِ* أَمَّا المَنْفِىُّ قَطْعًا كَوَلَدِ الصَّبيِّ وَالمَمْسُوحِ (ح) فَلاَ تَنْقَضِي (ح) العِدَّةُ بِهِ* وَلَوْ أتتْ زَوْجَةُ البَالِغِ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لاَ يَلْحَقُهُ وَلَكِنْ يَنْقَضِي العِدَّةُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لاحْتِمَالِ جَرَيَانِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ قَبْلَ النِّكَاحِ* وَلاَ تَنْقَضِي (ح) عَلَى وَجْهٍ لأَنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا* وَعَلَى ثَالِثٍ لَوِ ادَّعَتْ وَطْءَ شُبْهَةٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لأَنْ القَوْلَ فِي العِدَّةِ قَوْلُهَا* وَإِنْ نَكَحَ (م) حَامِلاً مِنَ الزِّنَا وَهِيَ تَرَى الأَدْوَارَ وَقُلْنَا: إِنْهَا حَيْضٌ فَفِي انْقِضاءِ العِدَّةِ بِهِ وَجْهَانِ لأَنَّ حَمْلَ الزِّنَا كَالمَعْدُومِ فِي حَقِّ العِدَّةِ وَالتَّحْرِيمِ (م).

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد مر أن عدة الطلاق ثلاثة أنواع: الأقراء، والأشهر، ووضع الحمل.

ثم إن صاحب الكتاب لمَّا شرع في النوع الأول، وهو الأقراء، واندفع في ذِكْر

<<  <  ج: ص:  >  >>