للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطالب المرأة بالنفقة مدَّة الحمل المحتمل الزوج، ولا الواطئ، أما الواطئ؛ فلأنه لا نفقة علَيْه على هذا القَوْل، وأما الزَّوْج، فإنما يطالب بالنفقة، إذا كان الحَمْل منه، والحَمْلُ مشكوك فيه، فلا تلزمه النفقة بالشك، فإذا وَضَعت، نُظِر؛ إن ألحقه القائف بالزوج، فلها مطالبته بنفقة مدَّة الحْمل الَّتي مضَتْ، وهذا إذا لم تَصِر فراشًا للثاني؛ بأن لم يوجد إلا وطء شبهة، ويشبه أن يستثنَى زمانُ اجتماعها مع الثاني على قياس ما حَكَيْنا عن "البحر" أنه لا رجْعَة في تلْك الحالة؛ لخروجها عن عدَّته، وإن صارتْ فراشًا له بأن نَكَحَها جاهلاً، وبَقِيَتْ في فراشه إلى أن وَضَعَت، فلا نفقة لها على الزوج؛ لكونها ناشزةً بالنكاح، وإن فَرَّق الحاكم بينهما قبل الوَضْع، طالبته بالنفقة من يوم التَّفْريق إلى يَوْم الوَضْع، ثم لا نفقة لها على الواطئ في عدَّتها عنه بالأقراء، وإن ألحقه القائف بالواطئ بالشبهة، لم يلزمْ واحدًا منهما نفقة مدة الحمل، ولَزِم الزوْج نفقة مدة القرءين بعْد الوضع، إن كان الطلاق رجعيًّا، وفي نفقة زمان النفاس وجهان:

أحدهما: لا تَجِب؛ لأنه تابعٌ للحمل ومتولِّد منْه، وليس محسوبًا في عدة الزوج.

وأشبههما الوجوبُ كما أنَّ له أن يراجع في زمان النفاس، ويجوز أن لا يكون محسوبًا من العدَّة، وتجب نفقته كزمان الحَيْض الذي طلَّقها فيه، وإن لم يلحَقْه بواحدٍ منهما، أو إذا لم يكن قائفٌ، فلا نفقة على الواطئ، ولا على الزوج، إن كان الطلاق بائنًا؛ لأنَّا لا نَعْلَمُ حال الحَمْل، ولا نفقة، إذا لم يكن حَمْلٌ، وإن كان رجعيًّا، فلا نفقة لمدة كونها فراشًا للثاني، ولها عليه الأقلُّ من نفقتها منْ وقْت التفريق إلى الوضع، ونفقتها (١) في القَدْر الذي يكمل عدة الطَّلاَق بعد الوضع، وهو قرءان في المثال الذي تَكَرَّر؛ لأن الأقل منْهما واجبٌ بيقين، [فإنه إن] (٢) كان الحَمْل من الأول، فنفقة زَمَانِ الحمل عليه، وإن كان من الثاني، فنفقة العدَّة عليه، هذا إذا قلْنَا: إن النفقة للحامل، أما إذا قلْنا: للحمل، فعلى أحدهما نفقةٌ مدةَ الحَمْل بيقين، فإذا أشكل الحال، أنفقا عليه بالسَّويَّة، فإن قلْنا: يصرف الجميع إلَيْها بعْد الوضع، أخذت من كل واحد منهما نصْفَ نفقتها، هكذا رتب أبو نصر صاحب "الشامل"، والقاضي الرُّويانيُّ في "جمع الجوامع" وهو الأقوم، وسيأتي على الأثَر ما يشهد له، ومنْهم مَنْ أطلق القول بأنه لا تطالَبُ واحدٌ منهما بنفقتها في مدة الحَمْل؛ لأنه لا يَدْرِي أن الحَمْل من أيهما هو، ولا يفرق هؤلاء بين قولنا: إن النفقة للحامل أو للحَمْل، وهذا ما أورده في الكتاب، فقال: "ولا تطالَبُ بالنفقة واحدًا منهما [في الحال] وإن قلْنا: يجب على الواطئ بالشبهة؛ لأنه الآن مشكل"، وعلى هذا، فإذا وضعته، فألحقه القائف بالواطئ، ففي الكتاب أنَّه لا تُطَالَبُ


(١) في ز: وبعضها.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>