للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنفقة الماضية بِنَاءً على أن نفقة القريب تَسْقط بمُضِيِّ الزمان، وهكذا ذكره الإِمام، والذي أورده صاحب "التهذيب" وجماعة: أنه يُطَالَب بتلْك النفقة، وقالوا: هذه النفقة تَصِير دَيْنًا في الذمة، وليست هي كنفقات الأقارب، قال الإِمام -قدس الله روحه-: ولم يَصِرْ أحدٌ من الأصحاب إلى أنه إذا ألحقه القائفُ بالزَّوْج، لا يُطَالَب بالنفقة الماضية تفريعًا على أنها للحَمْل، وأنها تسْقُطُ بمضي الزمان، والقياس يقتضي المَصِيرَ (١) إليه، هذا هو الكلام في نفقة المرأة.

وأما نفقة الوَلَدِ بَعْد الوضْع، فَهُوَ عَلَى مَنْ أَلْحَقَهُ القائِفُ به منْهما، وكذا حضانَتُه، فإن لم يكُنْ قائفٌ أو أشْكَلَ عليْه، فالنفقةُ عليْهِما مُنَاصَفَةً إلى أن يُوجَد القائف أو يبلغ الصبيّ، فينتسب إلى أحدهما، وفيه وجْهٌ ضعيفٌ: أنهما لا يطالبان بالنفقة في زمان الإشكال، وفَرَّقوا على المذهب نفقة الولَد، حيث أوْجَبْنَا عليْهما نصفين، وبين نفقة المرأة حيْثُ لا نوجبها في مدَّة الحَمْل تفريعًا على أن النفقة للحَامِل، بان (٢) وجوبها على أحدهما غير مستيقنٍ؛ لجواز أن يكون الحَمْل من الواطئ بالشبهة، ولا نفقة علَيْه على هذا القول، ونفقةُ الولد يستيقن وجوبها على أحدهما، وليس أحدهما بأوْلَى من الآخر، فوزعناها عليهما، وهذا يَشْهَد لِمَا مرَّ أن نفقتها في مدة الحْمل تَجِبُ عليهما وتوجد منهما إذا فَرَّعنا على النفقة للحَمْل؛ لأنَّا على ذلك القوْلِ نتيقن وجُوبَها عَلَى أحدهما؛ كما نتيقن هاهنا وجوب نفقة الولد، ثم إذا أنفقنا ثم (٣) لحق الولد أحدهما إما بإلحاق القائف أو بانتسابه، فيرجع الآخر علَيْه بما أنفق بشرطَيْن:

أحدهما: أن يكون الإنفاقُ بإذْن الحاكم، وإلا، فهو مُتَبَرِّعٌ.

والثاني: أن لا يكونَ مُدَّعِيًا للوَلَدِ، فإن كان يدَّعِيه، فلا رجُوع له؛ لأنه أنْفَقَ عَلَى ولده بزعمه، ويتعلق بما نَحْن فيه فرعان:

أحدهما: لو مات المولودُ في زمان الاشكال، فتَكْفِينُه عليهما كنفقته، وللأم من ماله الثُّلُثُ، والباقي يوقف بيْن الواطئ والزوج، حتى يصطلحا، فإن كان لها ولَدَان آخرَانِ، أو كان لكلِّ واحدٍ من الزوج والواطِئ ولدان آخران، فلها السُّدُس، فإن كان لأحدهما ولدان دون الآخر، ففيما للأم وجهان:

أحدهما: الثلث؛ للشَّكِّ في أنَّهُما أخَوَانِ للميِّتِ أَمْ لا.

والثاني: السدس؛ لأنه متيقنٌ.


(١) لم يفصح بترجيح والصحيح ما أورده البغوي وهو الذي أورده جمهور العراقيين كالماوردي والبندنيجي وابن الصاغ وغيرهم وقال في الشرح الصغير: إن الأشبه قال: ويؤيده طرق الإلحاق بالزوج.
(٢) في أ: لأن الوجوب.
(٣) في أ: بم.

<<  <  ج: ص:  >  >>