الثاني: أوصى إنسانٌ لهذا الحَمْل بشيْءٍ، وانفصل حيًّا، ثم مات، نُظِر؛ إن مات بعد قبول الزوج والواطئ الوصية، فالوصية مستقرة؛ لأن أحدهما أبوه، والمال لورثته، كما تبيَّن، وإن مات قبل أن يَقْبَلاَ، فحَقُّ القبول للورثة، ولو سَمَّى المُوصِي أحدَهُما؛ فقال: أوصَيْتُ لحَمْل فلان، فإن ألحقه القائف بغير المسمَّى، بَطَلَت الوصية، وإن ألحقه به صَحَّت، فإن نفاه باللعان، ففي بطلانها وجهان:
وقوله "ويحتمل الرجعة هذا الوقف" كأنه يعني بالوَقْف ما في كل واحد من الرجعتين من التردُّد والتَّوقُّف.
وقوله "ولو اقتصر على إحداهما لم يحل" ليعلم بالواو؛ لما قدمناه، ويُشْبِه أن يرجح الحلُّ إذا اقتصر على الرجعة قَبْل الوضع، وليعلم أيضًا قوله "فإن قلنا يجب على الواطئ بالشبهة" بالواو، والأشْبَهُ أنها تُطَالِب على هذا القول، وكذا قوله "وإن قضى للواطئ فلا والأقرب المطالبة".
قَالَ الرَّافِعِيُّ: ما ذكَرْنا أن العدَّتَيْن مِنْ شخصين لا تتداخلان، كان في الشخصَيْنِ المُحْتَرَمَيْنِ، فأما إذا طلَّق الحربيُّ زوجتَهُ فوطئها في العدَّة، حربي آخر بشبهة أو نكحها، ووطئها ثم أسلَمَتْ مع الثاني أو دَخَلاَ بأمان، وتَرَافَعَا إلينا، فقد حُكِيَ عن النصِّ أنه لا يجمع علَيْها بين عدتين، بل يكفيها واحدةٌ من يوم إصابة الثَّانِي، ورُبَّما نُسِبَ هذا النَّصُّ إلى باب التعريض بالخِطْبة، وعن القاضي أبي عليٍّ البندنيجي: إسناده إلى "الجامع الكبير" للمزنيِّ -رحمه الله- واختلف الأصحابُ في المَسْألَة على ثلاثة طرق:
أحدها: القطْع بأنه لا تَكْتَفِي بعِدَّةٍ واحدةٍ، بل تُكَمِّلُ عدة الأوَّل، وتَسْتأنِفُ عدة الثاني كما في العدَّتَيْن عن مسلمَيْنِ، وذلك لأن العدَّة معتَبَرة في حقِّ الكفار، كما هي معتَبَرة في حقِّ المسلمِينَ، فيتساويان في حُكْمها، وهؤلاء لم يُثْبِتوا رواية النص.
والثاني: أن المسألة على قولَيْن:
أحدهما: هذا.
والثاني: الاكتفاء بِعِدَّةٍ واحدة، لأنَّ حقوقهم ضعيفة، وماؤُهم غير محتَرَمٍ، فيراعى أصْل العدة، ويجعل جميعهم كالشخص الواحِدِ على هذه الطريقة، فالقول الثاني منْصوصٌ، والأول مُخرَّج من المَذْهب المقرّر في العدَّتَيْن منْ مسلِمَيْن، ونقل الشيخ أبو الفرج السرخسي، والقاضي الرُّويانيُّ: أن بعضهم خَرَّج من هذا النص فيما إذا كانت العدَّتان