للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقيمت الخَلْوةُ أو المخالطة مقام الوطء، فتنقطع العدة بالعَقْد المستعقب للخلوة، كما تنقطع بالعقد المستعْقب للوطء، وإذا قلْنا إن الانقطاع من وقت العقد، فينقطع بالزَّفَاف كما ينقطع بالوطء، إذا قلنا بالقول الآخر، ويخرج من ذلك ثلاثة مذاهب فيما تنقطع به العدة، كما أشار إليها في الكتاب.

الثانية: الجديد الصحيح أن المعتدَّة لا تُحرَّم مؤبدًا على من نَكَحَها في العدَّة جاهلاً ووطئها، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-، واحتج له بأنه وطء شبْهة، فلا يقتضي التحريم المؤبَّد، كالوطء [في] (١) النكاح بلا وليِّ ولا شهود، وعن القديم: أنها تُحَرَّم عليه على التأبيد، وبه قال مالك. [ووجِّه بأنه استعجل الحق، قبل وقته، فأورث الحرمان] كما لو قتل مورِّثه، وعن أحمد -رحمه الله- روايتان، كالقولين، ومن الأصحاب مَنْ لم يجْعل المنقول عن القديم قولاً للشافعيِّ، وقال إنَّه يُحْكَى مذهب الغَيْر، وذكر الذين سلَّموه وجهَيْن في أن التحريم المؤبَّد، هل يشترط فيه تفريق الحاكم؟ فعلى وجْه، لا بد فيه من الحاكم، كتفريق اللعان، وعلى وجه: لا حاجة إليه كتحريم الرضاع، ونقل القاضي الرُّويانِيُّ إجراء القول القديم في كل وطء يفسد النسب كوطء زوجته الغير أو أمته بالشبهة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابعُ) إِذَا رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَفِي جَوَازِ الاكْتِفَاءِ بِبَقِيَّةِ العِدَّةِ السَّابِقَةِ قَوْلاَنِ* وَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً فَجَدَّدَ نِكَاحَهَا ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ المَسِيسِ يَكْفِيهَا (ح) بَقِيَّة العِدَّةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةِ عَادَتْ إِلَى نِكَاحِ كَانَ فِيهِ وَطْءٌ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لاَ تَسْتَأْنِفُ* وَحَيْثُ نَقُولُ بِالاسْتِئْنَافِ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَيَكْفِيهَا وَضْعُ الحَمْلِ* وَلَوْ رَاجَعَهَا فَوَضَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقُلْنَا بِالبِنَاءِ رَجَعْنَا إِلَى قَوْلِ الاسْتِئْنِافِ لِلضَّرُورَةِ وَتَعَذُّرِ البِنَاءِ* وَقِيلَ: سَقَطَتْ عَنْهَا البَقِيَّةُ للتَّعذُّرِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ* أَمَّا إِذَا رَاجَعَ الحَائِلَ فِي الطُّهْرِ الثَّالِثِ ثُمَّ طَلَّقَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا إِذْ بَعْضُ الثَّالِثِ كَجَمِيعِهِ فَلاَ بَقِيَّةَ عَلَيْهَا* وَقِيلَ: البَعْضُ مِنْ أَوَّلِ الطُّهْرِ لاَ أَثَرَ لَهُ فَعَلَيهَا قُرْءٌ آخَرُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا طلق امرأته طلاقًا رجعيًّا، ثم راجعها انقطعَت العدة بالرجْعة، فإن طلَّقها بعْد ذلك، فإما أن تكون حائلاً أو حاملاً.

الحالة الأولى: أن تكون حائلاً، فيُنْظر؛ إن مسها بعد ما راجَعها، فلا بد من استئناف العدَّة؛ لأن المسيس يقتضي عدةً كاملةً، فإن لم يراجعْها ولم يَمَسَّها، فقولان:

القديم، وُيرْوى عن مالك: أنها تبنى (٢) على العدة السابقة، وتكفيها أيامها؛ لأنها


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: تنفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>