للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرِّمت عليه بالطلاق الأول، ولم يمَسَّها في الحل المستحدث، فأشبه ما إذا أبانها ثم جدَّد نكاحها، وطلَّقها قبل أن يَمَسَّها، فإنها تبني.

والجديد، وبه قال أبو حنيفة والمُزنيُّ: أنها تستأنف؛ لأنها بالرجْعة عادت إلى النكاح الذي مَسَّها فيه، فالطلاق الثاني طلاقٌ في نكاح وُجِد فيه المسيس، وصار كما إذا ارتدَّت المرأة بعْد المسيس وعادَتْ إلى الإِسلام ثمَّ طلَّقها تستأنف العدَّة، فإذا قلْنا بالبناء، فلو راجَعَها في خلال طُهْر مثل أن يراجعها في الطهر الثالث، فهَلْ يحسب ما مَضَى من الطهر قرءاً؟ حكى في الكتاب فيه وجهَيْن:

أحدهما: نعم؛ لأن بعْض القرء نازل منزلة جميعه؛ فعَلَى هذا إذا كانت الرجْعة في الطهر (١) الثالث، ثم طلَّقها، فلا شيء عليها على قول البناء؛ لتمام الأقراء بما مضَى.

والثاني: لا، وعليها في هذه الصورة قرء ثالث، وإنما يجعل (٢) بعض الطهر من آخره قرءاً؛ لاتصاله بالحيض، ودلالته على البراءة، وأما البَعْض من الأول، فلا معْنَى لجعله قرءاً، ونظْم الكتاب يقتضي ترجيح الوجْه الأول، ونسبه في "البسيط" و"الوسيط" إلى القَفَّال، ونسب الثاني إلى الشيخ أبي محمَّد، والظاهر الثاني، وهو الذي أورده صاحب "التتمة" والقاضي الروياني، وحكاه الرُّويانيُّ عن القفَّال، والله أعلم.

الحالة الثانية: أن تكون حاملاً، فإن طلَّقها ثانية (٣) قبل وضع (٤) الحمل، انقضت عدتها بالوضع، مسَّها أو لم يَمَسَّها، والبقيَّة إلى الوضع تصلح أن تكون [عدةً] (٥) مستقبلة، وإن وضعت ثم طلَّقها، فإن مَسَّها، إما قبل الوضع أو بعده، فعليها استئناف العدَّة بالأقراء، وإن لم يمَسَّها، فإن قلْنا: الحامل تستأنف، فكذلك هاهنا، وإن قلْنا هناك بالبناء، فتتعذر [بناء] (٦) الأقراء على الحَمْل، وفيها وجهان:

أظهرهما: أنها تستأنف العدَّة بثلاثة أقراء؛ لأنه طلاق في نكاح وُجِدَ فيه المسيس، على ما ذكرنا، فيوجب العدَّة، والوضْعُ حَصَل في صُلْب النكاح، والعدَّة لا تنقضي بما يُوجَد في صُلْب النكاح.

والثاني: أنه لا عدَّة عليها، ويحكم بانقضائها بالوضْع، وإن كانتْ تحت الزوج، ويجوز أن تنقضي العدَّة بالحَمْل تحت الزوج، وإن كانت لا تنقضي بالأقراء والأشْهُر تحته، كما أن المعتدة لو وطئها واطئ بالشبهة، وأحْبَلَهَا، تنقضي عدتها عن الوطء بوضع الحمل، ولولا الحمْلُ، لكان لا ينقضي بالأقراء والأشهر؛ لاشتغالها بعدَّة الزوج، فهذا إذ


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: يحصل.
(٣) في أ: بائناً.
(٤) في أ: ان تضع.
(٥) سقط في ز.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>