للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَيْس -رضي الله عنهما- وكان قَدْ أَوْصَى بذلك.

وإلى متى تُغَسِّلُه؟ فيه ثلاثة أوجه، ذكرناهاهناك، ففي وجه: تغسله ما لم تنقض عدتها؛ لبقاء أثر النكاح ما بقيت العدَّة، فعلى هذا، وضعت، والزوج لم يُغَسَّل بعْدُ، لم يكن لها غسله، وفي وجْهٍ: ما لم تَنْكِحْ زوجاً غَيْرِه، فإذا نَكَحَتْ، لم يجز، وشبه ذلك بامتداد لحوق النسب إلى أن تنكح غيره، والأظهر، وهو الذي أورده صاحب الكتاب: أنه لا ضبط، ولها غسله أبداً بحُكم النكاح الذي كان.

وقوله في ترجمة القسم "في عدَّة الوفاة والسكنى" كانه قصد إيراد السكْنَى بعد عدة الطلاق والوفاة، جميعاً؛ لأن لها مدخلاً فيهما جميعاً، أما في عدَّة الطلاق فوفاق، وأمَّا في عدة الوفاة، فعلى خلافٍ سيأتي، إنْ شاء الله تعالى.

فَرْعٌ: عدَّة الوَفَاة تَخْتَصُّ بالنكاح الصحيح، فاما إذا نكح نكاحاً فاسداً، ومات قبْل الدخول، لم تلزم العدة، وكذا لو فرق القاضي بينهما، وإن جرى دخولٌ ثم مات أو فُرْق بَيْنهما فتعتد للدخول، كما تعتد عن الوطء للشبهة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَى امْرَأتَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ البَيَانِ فَعَلَى إِحْدَاهُمَا عِدَّةُ الطَّلاَقِ وَعَلَى الأُخْرَى عِدَّةُ الوَفَاةِ فَعَلَيْهِمَا أَقْصَى الأَجَلَيْنِ إِنْ كُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الأَقْرَاءِ لِلاحْتِيَاطِ* وَإِنْ كُنَّ حَوَامِلَ فَيَكْفِي الوَضْعُ* أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الأَشْهُرَ فَيَكْفِي أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا طَلَّق إحْدى امرأتيه، ومات قبْل أن يبين التي أرادها، وقبل أن يعيِّن واحدةً منهما، إن أبهم، فيُنظر؛ إن لم تكونا ممسوستين، فعليهما الاعتداد بِعِدَّة الوفاة؛ لأن كل واحدة منهما تحتمل أن تكون مفارقة بالموت، كما يحتمل أن تكون مطلَّقة، فلا بد مِنَ الأخذ بالاحتياط، وإن كانتا ممسوستين، فإن كانَتَا مِنْ ذَوات الأشهر، فكذلك الجواب؛ لأن كل واحدةٍ بين أن يلزمها ثلاثة أشهر، وبين أن يلزمها أربعة أشهر وعشر، فيجب الأكثر، فإن كانتا حاملَيْن، فتعتدان بِوَضْع الحَمْل؛ لأن عدَّة الحامل لا تخْتَلف بالتقديرَيْن، وإن كانتا مِنْ ذوات الأقراء، فإما إنه أراد واحدة بعينها أو أبهم إن أراد واحدةً بعينها، فعلى كل واحدةٍ منهما الاعتداد بأقصى الأجلَيْنِ مِنْ عدة الوفاة (١) من ثلاثة اقراء؛ لأنها إن كانَتْ مطلْقةً، فعليها الأقراء، وإن كانت مفارَقَةً بالموت، فعلَيْها عدة الوفاة، فيطلب يقين البراءة، ثم الأقراء تُحْسب من وقت الطلاق، وعدة الوفاة [من حين الموت] حتى لو مضى قرء من وقت الطلاق، ثم مات الزوج،


= وروى مالك في الموطإ عن عبد الله بن أبي بكر: أن أسماء بنت عميس غسلت أبا بكر، قال البيهقي: وله شواهد عن ابن أبي مليكة، وعن عطاء، عن سعد بن إبراهيم، وكلها مراسيل، وقد تقدم في الجنائز.
(١) في أ: أو.

<<  <  ج: ص:  >  >>