للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصحاب -رحمهم الله- والعماني، وهو المذكور في "التهذيب"، ونسبه الماوردي إلى البصريين (١) أنه لا يكتفي به، ولا ينقضي الاستبراء حتى تحيض ثم تطْهُر، ويخالف العدَّة، فإن فيها عدداً، فجاز أن يعبر بلَفْظ الجمع عن اثنين وَبَعْضِ الثالث، ولا يَجِيْء الوجْه الَّذي ذُكِر في اشتراط حيْضةٍ كاملةٍ بَعْد الطُّهر هاهنا؛ لأنَّ [فى] الحَيْضة السابِقَة عليها ما يكتفي به دلالة.

وإن قلْنَا: إنَّ الاعتبار بالحَيْض، فلا يَكْفي بعْض الحيض، بل يعتبر حيْضةً كاملةً حتى لو كانَتْ حائضاً عند وجُوب الاستبراء، لم يَنْقَض الاستبراء، حتى تَطْهر وتَحِيض حَيْضةً أخْرَى؛ لما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم (٢) - قال في سَبَايَا أَوْطَاس؛ "وَلاَ حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ" ويخالف بقية الطهر، حيث يعتد بها طُهراً في العدَّة، وفي الاستبراء عَلَى رأْي؛ لأن بقيَّة الحيض [حتمٌ] (٣) يستعقب الطَّهر الَّذي لا دَلاَلة فيه على البراءة، وعن مالك: أنَّه إن وجب الاستِبْراء في أوَّل الدَّمِ، حُسِب الباقي، [قُرْءاً]، وإن وَجَب في آخره، لم يُحْسَب، وذات الأقراء إذا تباعدت حِيضَتُها، فحُكْمها حُكْم المعتدة، وإن كانت المستبرأة من ذوات الأشْهُر، فقولان:

أحدهما: أنها تُسْتَبْرأُ بشهرٍ واحدٍ، بدلاً عن قُرْء.

والثاني: بثلاثة أشْهُر؛ لأنَّ الماء لا يَظْهر أثره في الرَّحِم قبل مضى ثلاثة أشهر، فهي أقل مدَّة تدُلُّ على براءة الرحم، وهذا أرْجَح عنْد جماعة؛ منْهم صاحب "المهذب"، والأصح عند المُعْظم [الأوَّل]، وإن كانت حاملاً، فإذا زال الفراش عن أَمَت أو مستولدَتَه، وهي حاملٌ، فاستبراؤها بالوَضْع، وإذا مَلَك جارية، فقد أطْلَق صاحب "التتمة" أنَّ الحكم كذلك، إن كان الحَمْل ثابتَ النَّسب مِنْ زوج أو وطء شبهة، والأقْوَم أن يُفَصَّل، ويقال: إن مَلَكَ الأمةَ بالسَّبْي (٤)، حَصَل استبراؤها بالوَضْع، وإن مَلَك بالشراء، فهي كالحرة، فإن كانت حاملاً من زوج، وهي في نكاحه أو عدته أو من وطء شبهة، معتدَّةٌ هي ذلك الوطء فالمَشْهور على ما سيأتِي أنَّه لا استبراءَ في الْحَال، وفي وجُوبه بعد انقضاء العدَّة خلافٌ، وإذا كان كذَلِك، لم يكنْ الاستبْرَاء حاصلاً بالوَضْع؛ لأنَّه إما غَيْر واجبٍ أو مؤخر عن الوضع، وقال في "التهذيب": هل يخرج عن


(١) وما حكاه الماوردي فيه إخلال. أما ما عزاه للبغداديين فإنه يقتضي الاكتفاء بيقية الطهر، وليس كذلك بل صرح الماوردي عنهم بأنه لا بد أن يضم إليه حيضة كاملة ليعرف بها براءة الرحم ببقية الطهر، ولا يكتفي برؤية الدم أو يوم وليلة هنا قطعاً؛ لأن بعض الطهر ليس قرءاً على الحقيقة فقدي بالحيضة الكاملة بعده، وجرى عليه الشيخ نصر المقدس في التهذيب وصاحب الذخائر وغيرهما.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: بالشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>