للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستبراء، إذا وضعت الحمل؟ فيه قولان:

أحدهما: نَعَمْ، كالمملوكة بالسبْيِ.

والثاني: لا، كما أن العدَّة لا تنقضي بالوَضْع، إذا كان الحمل من غير صاحب العدَّة، بخلاف المَمْلوكة بالسبْيِ، فإن حَمْلَها من كافر، فلا يكون له من الحرمة ما يمنع انقضاء الاستبراء، هذا لفْظُه في المسألة.

وإن كان الحَمْلِ مِن زِناً، ففي حُصُول الاستبراء بوَضْعه، حيث يحْصُل بوضعٍ ثابتِ النَّسَبِ وجهان:

أحدهما، وهو الذي أورده أبو الفرج السرخسيُّ: أنه لا يَحْصُل كما لا تنقضي العدَّة بوضع الحمل مِنَ الزنا، وأيضاً، فاشتغال الرَّحِم بماء الزنا لا يوجب منْعاً، فالفراغ منْه لا يُفيد حِلاًّ.

وأصحُّهما، على ما ذكر أبو سعد المتولي، وهو الذي أورده في الكتاب: أنه يَحْصُل (١) لإطلاق [الخبر] (٢) حيث قال: "لاَ تُوطَأ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ"، ولأن المقْصُود براءةُ الرَّحِم، وانفصال الولد أدلُّ على البراءة من انفصال دَمِ الحيْض، وليس الاستبراء كالعدَّة، فإنها مخصوصة بالتأكيد؛ ألا تَرَى أنه يُشْترط فيها العَدَد، ولا يشترط في الاستبراء، وعن القاضي الحُسَيْن تقريبُ هذا الخلافِ من الخِلاَف في أن استبراء ذات الأقراء بالحيض أو الطُّهر؟

إن اعتبرنا الطُّهْر لم يحْصُل الاستبراء، وإن اعتبرنا الحيْض. فالنَّظر إلى ما تُعْرف به البراءة، والحمل من الزنا يُعْرف، بوضْعِه البراءةُ، وإذا قلنا: لا تحْصُل البراءة، فلو كانث ترى الدَّم على الحبل، وجعلْناه حيضاً، فيحصل الاستبراء بحيضة على الحبل في أصحِّ الوجهين، وإن لم نجعلْه حيضاً أو كانت لا تَرَى الدم، فاستبراؤها بحيضة بَعْد الوضع، ولو ارتابت بالحَمْل إما في مدَّة الاستبراء أو بعدها، فعلى ما ذكَرْنا في العِدَّة.

وقوله في الكتاب "أما القَدْرُ فقرْءٌ واحدٌ" يجوز أن يُعْلَم بالواو؛ ولأنه قدر مُطْلَقِ الاستبراء به، وعند أبي حنيفة: المستولدة تسْتبرأ بثلاثة أقراء أو ثلاثة أشهر،


(١) والتصريح بالتصحيح هو ظاهر إيراد الرافعي لكنه لم يصرح به، وبه جزم الماوردي وغيره بل هو ظاهر نص الأم حيث قال: ولا يحل له الوطء إلا بوضع جميع حملها إذا كان حملها من غير سيدها وغير زوج إلا زوج قد طلق الحيض حتى تعيد ما تركته من الصلاة، وان ظننا أن سبب انحباس الدم العلوق فالحكم منوط بمقدار الدم وأسباب الانحباس مغيبة لا تحيط العلوم بها. انتهى. قاله في الخادم.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>