للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يُعْلَم قوله "فَشَهْرٌ واحد" على ذلك القول أيضاً.

وقوله "والمستولدة إذا عَتَقَتِ استبرأت أنْ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ" أحق بهذه العلامة، وليس إلى ذكر المستولدة كبيرُ حاجَةٍ في هذا المَوْضِع، والمسألةُ معادَةٌ مِنْ بعد، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (أَمَّا حُكْمُهُ) فَهُوَ تَحْرِيمُ الاسْتِمْتَاعِ إلاَّ في المَسْبِيَّةِ فَإنَّهُ لاَ يَحْرُمُ إلاَّ وَطْؤُهَا* وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّه يَحْرُمُ الاسْتِمْتَاعُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ليْس الَّذي ذكَرَه مِن حُكْم الاستبراء، ومِنَ الشَّرْط بعْده، حُكْماً، وشرطاً المُطلَق الاستبراءُ، بل هما مخصوصان بأحَد نَوْعَيْ الاستبراء، وهو الاستبراء بِحُذوث المِلْك، فكان الأحسن في الترتيب بعْد ذِكر قَدْرِ الاستبراء: أن يَذْكُر سَبَبَيْ الاستبراء، وُيودِعَ هذا الحُكْمَ والشَّرْطَ في النَّوْع الذي يَخْتَصَّان به الفقه مَنْ مَلَك أمةً، لم يَجُزْ له أن يطأها، حتى ينقضي زمان الاستبراء؛ للحديث الذي سبق، وكما لا يجوز الوطء، لا يجوز سائر الاستمتاعات، كاللمس والقُبْلة والنَّظَر بالشهوة (١)، إن مَلَكَها بغَيْر السبْيِ؛ لأنَّها قد تكون حاملاً من سيِّدها أو من وطء شبهة، فتكُونُ أمَّ ولدٍ لغيْره، ويتبيَّن أنه لم يَمْلِكْها، وإن مَلَكَها بالسبْيِ، فوجهان:

أحدهما: أنه يَحْرُم كما في غير المَسْبِيَّة، وأيضاً، فإن هذه الاستمتاعات تدعو إلى الوطء المحرَّم.

وأظهرهما: الحِلُّ؛ لما رُوِيَ عن ابن عمر أنه قال: "وَقَعَتْ فِي سَهمِي جَارِيةٌ مِنْ سَبْي جَلُولاَءَ، فنَظَرْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا عُنُقُهَا مِثْلُ إبْرِيقِ الفِضَّةِ، فَلَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ وَثَبْتُ عَلَيْهَا فَقَبِّلْتُهَا، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيَّ أَحَدٌ" وتفارق المَسْبِيَّةُ غيْرَهَا؛ لأن غايتها أن تكون مستولَدَة حَرْبيِّ، وذلك لا يمنع المِلْك، بل هي والولدَ يُمْلَكَان بالسبْيِ، وإنما حَرُم الوطء صيانة لمائه لئلاَّ يخْتَلِط بماء حربيِّ، لا لحُرْمة مالء الحرْبي، وإذا قلْنَا بتحريم سائر الاستمتاعات، فإذا طَهُرَت من الحيض، حل سائر الاستمتاعات، ويبقى تحريم الوطء إلى أن تَغْتَسِل، وفيه وجْه يمتد تحْريمها إلى أن يحل الوطْء.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا شَرْطُهُ) فَأَنْ يَقَعَ بَعْدَ حُصُولِ مِلْكٍ لاَزِمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَقَعَ قَبْلَ قَبْضِ المُشْتَرَاةِ* وَلاَ يَجُوزُ فِي الهِبَةِ قَبْلَ القَبْضِ* وَيجُوزُ فِي الوَصِيَّةِ وَلَكِنْ بَعدَ القَبُولِ وَمَوْتِ المُوصِي* وَلاَ يَجُوزُ في مُدَّةِ الخِيَارِ إن قُلْنَا: المِلْكُ لِلبَائِع* وَإِنْ قُلْنَا:


(١) تقييده النظر بالشهوة يفيد أنه مجرد النظر لا يمنع وكلام الرافعي والجمهور دال على جوازه ولهذا جاز النظر إلى أمة الغير بغير شهوة وإلا لم يكن تخصيص المنع بالنظر بشهوة معنى وأطلق ابن القطان في فروعه تحريم النظر ولعله محمول على ما إذا كان بشهوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>