السيد، ثم عاد إلى الإِسلام، فإن قلنا بزوال المِلْك بالردة، فعَلَيْه الاستبراء لا محالة، وإلا، فوجهان، كما في ردَّة. الاَّمَة، والأصحُّ الوجُوب، وعند أبي حنيفة: لا يجب في رِدَّتها، ولا في ردته.
ولو أحْرَمَت، ثم تحلَّلت، حكى صاحب الكتاب، وأبو سعْد المتولِّي -رحمهما الله- في وجوب الاستبراء الخِلاَفَ المذكور في الردَّة؛ لأن الأحرامَ سببٌ يتأكَّد التحريم به. والظاهر الذي أورده الجُمْهور: أنه لا يجب، كما في التحريم بالصَّوْم والاعتكاف، ولو زوج أمَتَه، فَطلَّقها زوجُها قَبْل الدخول، فهل على السيد الاستبراء؟ فيه قولان:
أحدهما، وبه قال أبو حنيفة: لا؛ لأن المِلْك لم يَزُلْ.
والآخر: نَعَم؛ لأنَّ ملْك الاستمتاع زال ثم عاد وسنعيد هذه الصورة والقَوْلين في موضعَيْن منْ بَعْدُ.
الرابعة: إذا باع جاريةً بشرط الخيار، ثم عادت إليه بالفسخ أو عادتْ بالفَسْخ في مجلس العقْد، ففي "البسيط" و"الوسيط": أنا إن قلنا: إنَّ مِلْك البائع لم يَزَلْ، لم يجب الاستبراء، وان قلنا بزوال مِلْكه، ينبني على أنه هَلْ يحل له الوطء؛ لتضمُّنه الفسخ؟ إن قلْنا: لا يحِلُّ، فيجب الاستبراء، وإن قلنا: يحلُّ، فيجوز أن يقال: يجِبُ؛ لتجدد المِلْك، ويجوز أن يقال: لا يجبُ لإطرادِ حَلَّ الاستمتاع، وقد حكينا في البيع وجْهاً: أنه يحرم الوطء، وإن قلْنا بعدم زوال الملك؛ لأنه مِلْكٌ ضعيف، فيجيْءُ على ذلك الوجْه أن يقال بوجوب الاستبراء، وان لم يزل الملُك؛ لعَوْد الحل بعْد زواله، وهذا طريقٌ قد أورده صاحب "التتمة" -رحمه الله-.
والظاهر: حلُّ الوطء إن قلنا ببقاء المِلْك، وتحريمه إن قلْنا بزواله، فتخرج منه الفتوى: أنه لا يجب الاستبراء إنْ قلْنا ببقاء الملك، وأنه يجب إن قلْنا بزواله، وهذا ما اقتصر على إيراده صاحب "التهذيب".
وقوله في الكتاب:"إن قلنا بزوال مِلْكِهِ أو بتحريم الوطء" هكذا يُوجَد في النسخ (١)، لكنه لا يوافق ما في "البسيط" و"الوسيط"؛ لأن المفْهُوم منه إن قلْنا بزوال المِلْك أو قلنا بتحريم الوطء، وان لم يَزُلِ المِلك، وهو لم يُورِدْ فيما إذا لم يزل الملك إِلاَّ أنه لا يجب الاستبراء، ولو قرئ "إنْ قُلْنَا بزوال ملْكه، وبتحريم الوطء" بالواو وافق ما في الكتابين، فتدبر، والله أعلم.