للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَجَدُّدِ المِلْكِ* وَلَوِ اشْتَرَى مُعْتَدَّةَ أَوْ مُزَوَّجَةً اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ العِدَّةِ أَوِ الطَّلاَقِ* وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يَجِبْ عِنْدَ التَّمَلُّكِ فَلاَ يَجِبُ بَعْدَهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: إذا اشترى زوْجَتَه الأمة وانفسخ النكاحُ، فهل يجب الاستبراءُ أم يَدُوم حلُّ الوطء؟ فيه وجهان:

أظهرهما، وُيحْكَى عن النَّصِّ: أنه يدومِ الحِلُّ، ولا يجب الاستبراء، لكن يُستَحَبُّ (١)، أما أنه لا يجب، فلأنها كانت حلالاً، فإذا لم يتجدَّد الحِلُّ، فلا حاجة إلى الاستبراء؛ ولأن الاستبراء لِحِفْظِ المياه عن الاختلاط والماءان له، وأما أنه يُستحَبُّ؛ فَلِيميز الولد في النكاح عن الوَلَد في مِلْك اليمين لأنه في النكاح ينعقد مَمْلوكاً، ثم يُعْتَق بالمِلْك [ولا تصير به أم ولد]، وفي مِلْك اليمين ينعقد حراً، وتصير الأم أمَّ وَلَدٍ.

والثاني: أنه يجب الاستبراء؛ لتجدُّد الملك وتَبدُّل جهة الحِلِّ، ولو جرى الشراء بشرط الخيار، فيجوز الوطء في مدة الخيار؛ لأنَّها إما مملوكةٌ أو منكوحةٌ أَوْ لا يجوز؛ لأنه لا يدري أنها مملوكة أو منكوحةٌ، حكى صاحب "التهذيب" فيه وجهَيْن، ونسب الثاني إلى النصِّ، وذكر أنه لو طَلَّق زوجته الاَمَةَ، ثم اشتراها في العدَّة، وجب الاستبراء؛ لأنه اشتراها، وهي مُحرَّمة عليه، ولو اشترى زوجته (٢) ثم أراد تزويجَها من غيره، لم يجز إن كان قد دَخَل بها قبل الشرى، إلا بَعْد مضيِّ قرءين؛ لأنه إذا انفسخ النكاح، وجَب عليها أن تعتد منْه، فلا تَنْكِح غيره، حتى تنقضي العدَّة، ولو مات عَقِيبَ الشراء، يلزمها عدَّة الوفاة، وتكمل عدة الانفساخ، ذَكَره ابن الحدَّاد، وُيحْكَى عن نصه -رضي الله عنه- في "الإملاء" (٣).

الثانية: إذا اشترى جاريةً مُزوَّجة أو معتدَّةً عن زَوْج أو وطء شبهة، واختار المشتري إمْضاء البَيْع أو كان عالماً بحالها، فلا استبراء في الحال؛ لأنَّها مشغولةٌ بحقِّ الغير غير محلَّلة للمشتري، فإن طلَّقها زوجُها قبْل الدخول أو بعْده، وانقضت العدَّة أو


(١) محل ما ذكره الشيخ إذا كان الزوج حراً، فإن كان مكاتباً قال ابن الرفعة فإن كان مكاتباً، قال الماوردي: ينفسخ نكاحه ولا يحل له وطؤها إن لم يأذن السيد، فإن أذن فقولان.
(٢) في أ: أمته.
(٣) وجرى عليه القاضي أبو الطيب في شرح الفروع. قال: لأن النكاح قد زال قبل موته بملكه إياها ومات وليس بزوج وذكر في المطلب أن الشَّافعي نص عليه في الأم في باب استبراء أم الولد أو مات، ومعنى هذا الاستثناء إذا طلق أو مات ثم وضعت الحمل اكتفى به وهو تفريع على القول بالاكتفاء بوضع حمل المعتدة من غير حاجة إلى استبراء بعده لكن المرجح خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>