للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يكُنَّ أُمَّهَاتٍ؛ لأنهن موطوءات أبيه، ولو كانت تحته صغيرةٌ، وله خمس مستولداتٍ، فأرضعَتْها كلُّ واحدة بِلِبَانِهِ رضْعةً، لم ينفسخ نكاح الصغيرة على الوجْه الأوَّل، وينفسخ على الوجه الثاني على الأصح، ولا غُرْمَ عليهن؛ لأن السَّيِّد لا يثبت له دَيُن على مَمْلوكه، ولو أرضعت زوجَتَه الصغيرةَ ثلاثُ نسوةٍ له ومستولداتان، فانفساخ نكاح الصغيرة على الوجهَيْن، قال الشيخ أبو عليٍّ: وأما غرامة مهرها، فإن أرضعْنَ على الترتيب، فالانفساخ يتعلَّق بإرضاع الآخرة، فإن كانت الأخيرةُ إحدى المستولدتَيْن، فلا شيء عليها، وإن كانت إحدى النسوة، فعليها الغُرْم، وإن أرضعْنَ معاً بأن أخذت كلُّ واحدة لبَنَها في مُسْعُط، وأوجرته معاً، فلا شيْء على المستولدتَيْن؛ [لأنهم لم يصرن أمهات الزوجة] [وعلى النسوة ثلاثةُ أخماسِ الغُرْم، ولا ينفسخ نكاحُ النسوة الثلاث، لاْنهن لم يصرن أمهاتٍ الزوجة,] ولو كان للرجل أربع نسوة، فأرضعت واحدةٌ منهم صغيراً رضعتَيْنِ، والثلاث الباقيات [أرضَعْنَه] (١) رضعة رضعة أو كانت له ثلاثُ مستولدات، فأرضعَتْ كل واحدة منْهن بِلِبانه صغيراً ثلاث رضعات (٢)، والباقيتان أرضعتاه رضعةً رضعة، جرى الخلاف في صيرورة الأب أباً للصغر؛ ولا تفسير المرضِعَات أمَّهات، وعلى هذا قياس سائر النظائر.

الثانية: إذا كان للرَّجُل أو المرأة خمْسُ بناتٍ أو أخواتٍ مراضع، فأرضع كل واحدة منهنَّ صغيراً رضعةً، لم تَصرْن أمَّهات الصغير, ولا أزواجُهن أباً له، وهل تثْبُت الحرمة بيْن الرضيع وبين الرجل والمرأة؟ إن قلْنا: لا يثبت التحريم في الصورة السابقة، ولا يصير الرجل أباً، فهاهنا أوْلَى بأن لا تثبت الحُرْمة، وإن أثبتناها هناك، فهاهنا وجْهان:

أحدهما، وبه قال ابن القاصِّ -رحمه الله-: أنَّه يَثْبُت أيضاً؛ لأن البنت الواحدة، لو أرضعت خمساً، لثبتت الحرمة بينه وبين الرضيع، فإذا أرضَعَت البناتُ الخمسُ كلُّ واحدةٍ واحدة وجب أن تثبت الحرمة، كما أنا أنزلْنا إرضاع المستولَدَات الخمس منزلة إرضاع الواحدة خَمْساً.

وأصحُّهما: المنع، بخلاف الصورة السابقة، والفَرْق أنَّه، لو ثَبَت التحريم، لكَانَ؛ لصيرورة الرجل جَدًّا لأم في صورة البنات، وخالاً في إرضاع الأخوات، كصيرورة المرأة جدةً لأمٍّ أو خالةً، والجُدُودة والخئولة لا تثبتان إلا بتوسُّط الأمومة، فإن لم تكن المرضعات أمهات، استحال أن يكون أبوهن جدًّا أو أخوهن خالاً أو أمُّهنَّ جدةً أو أختُهُنَّ خالةً, وهناك اللَّبن مشترَكٌ بيْن الرجُل والمرضعات، ولا استحالة في ثُبُوت الأبوَّة دون الأمومة، وبالعكس، وإذا أثبتنا الحرمة، فقد قال صاحب "التهذيب" -رحمه


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: صغار.

<<  <  ج: ص:  >  >>