بل الواجب إخدامها بحرة أو أمةٍ أو مستأجَرَةٍ أو ينْصِب مملوكة [له] تَخْدِمُهَا أو بالاتفاقِ على الَّتي حَمَلَتْها معها من حُرَّة أو أمة ولا يجوز أن يكون الخادِمُ إلا امرأة أو صبيّاً أو مَحْرَماً لها، وفي مملوكها والشَّيخ الهم اختلافٌ، وفي جواز كون الخادِمِ من أهل الذمَّة وجهان:
عن أبي إسحاق -رحمه الله- جوازه؛ لأنهم أَذَلُّ نُفُوساً، وأسرع إلى الخدمة.
وعن غيره: المنع؛ لأن النفس قد تعافُهُم، وأيضاً، فلا يُؤْمَن عداوتهم الدِّينيَّة.
ثم في الفصل مسائل؛
إحداها: أن أخْدَمَها بحرة أو أمة مستأجرة، فليس عليه إلا الأُجْرة، وإن أخدمها بجاريةٍ، فنفقتها تجِبُ بحقِّ المِلْك، وإن كان يُخْدِمها بكفاية مؤنة خادمتها الحرة أو الأمةِ، فإذا موضع نفقة الخادمة، والقول في جنْس الطعام لهو في جنس طعام المخدومة.
وأما القَدْر، ففي "أمالي أبي الفرج": أن نفقة الخادم تقدَّر بِمُدٍّ، ولا تختلف باختلاف حال الزوج، والصحيح أنها تختلف، فعلى المُعْسِر مُدٌّ، وإن كان فيه تسوية بين الخادمة والمخدومة في حقِّه؛ لأن النفس لا تقوم بما دُون المُدِّ غَالِباً، وعلى الموسر مُدٌّ وثُلُثٌ، وفي المتوسِّط ثلاثَةُ أوجُهٍ:
أصحُّهما: أن عليه مدّاً كالمعسر.
والثاني: أن عليه مدّاً وثلثاً كالموسر، حكاه في "البحر"، وغَلَّطَ قائله.
والثالث: قال أبو الفرج السرخسيُّ: استحسن الأصحاب أن يكون عليه مدٌّ وسدُسٌ؛ لتفاوت المراتب في حقِّ الخادمة، كما تتفاوت في حق المخدومة ووجَّهوا التقدير في حق الموسر بالمد والثلث، بثلاثة طرق:
أشهرها: أن للخادمة والمخدومة في النفقة حالَةَ كَمَالٍ، وحالة نُقْصَانٍ. وهما في حالة النقصان يستويان، وفي حالة الكمال يُزَاد للمفضولة ثلث ما يزاد للفاضلة، كما أن للأبوين في الميراث حالتا كمالٍ ونقصانٍ، وهما في حالة النُّقْصَان، وهو أن يكون للميِّت ابْن يستويان فيكون لكل واحدٍ منهما السُّدُسُ، وفي حالة الكمال، وهو إذا انفردا، يكون المال بينهما أثلاثاً، فيزاد للأم ثلث ما يزاد للأبِ.
ويُحْكَى هذا عن القفَّال الشاشيِّ -رحمه الله-.
والثاني: أن نفقة الخادمة على المتوسِّط ثُلُثَا نفقة المخْدُومة؛ لأنَّ نفقة المخدومة عليه مدٌّ ونصفٌ ونفقة الخادمة مدٌّ تفريعاً على الصحيح، فكذلك ينبغي أن تكون نفقة الخادمة على الموسر ثُلُثَيْ نفقة المخدومة علَيْه، وثُلُثَا المُدَّيْنِ مُدٌّ وثُلُثٌ.