للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوس على ظَنِّ أنه يعطي عن الواجب عليه، فمنع النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أخذه، وإن قلْنا: لا يجب التسليم قَبْل الوضْع، فإن أمر الحاكم به، فيسترد أيضاً، وإلا فإنْ لم يَذْكُر أن المدفوع نفقةٌ معجَّلةٌ، لم يسترد، وجُعِلَ متطوعاً، وإن ذَكَرَ أنه نفقة معجَّلَة، فإن شرط مع ذلك الرجُوعَ، رَجَعَ، وإلا فوجهان:

أصحُّهما: أنه يرجع، وقد يُرتَّبان على الخلافِ في مثل هذه الصُّورة في تعجيل الزكاة، وهذه أوْلَى بالرجوع؛ لأنه تَبيَّن بالأجرة حُصُول الوجوب عند التسليم، وفي الزكاة بخلافه، وخرج القفَّال مما نحن فيه أن الدَّلاَّل إذا باع متَاعاً لرجل، فأعطاه المشتري شيئاً، وقال: وهَبْته منك، أو قال له الدلال وهبته منى، فقال: نَعَمْ، هل يحلُّ له قَبُوله وأخْذُه؟ قال: إن علم المشتري أنَّه لَيْس علَيْه أن يعطيه شيئاً، فله قَبُوله، وإن ظَنَّ أنه يجب عليه أن يعطيه، ويهب منه، فلا, وللمشتري الرجُوعُ فيه، وأجرة الدَّلاَّل على البائع الذي أمره بالبَيْع (١).

فَرْعٌ: لو أنفق على التي نكَحَها نكاحاً فاسداً مدَّةً، ثم بان فسادُ النكاح، وفرق بينهما، قال الأصحاب لم يسترد ما أنفق بل يجعل ذلك في مقابلة استمتاعه بها وإتلافه منافعها فإن كانت حاملاً أوجبْنا النفقة بناء على أن النفقة للحَمْل، فعدم الاسترداد أظهر ثم في الفصْل صُوَرٌ تتعلَّق بالخلاف في أن النفقة للحَمْل أو للحامل.

إحداهما: لو لم يُنْفِق عليها، حتى وضَعَتِ الحمل، أو لم ينفق في بَعْض مدة


= ابن الصامت، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث مغيرة بن زياد، عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عنه، قال: علمت أناساً من أهل الصفة الكتابة والقرآن، فأهدى إلى رجل منهم قوساً، الحديث، ومغيرة مختلف فيه، واستنكر أحمد حديثه، وناقض الحاكم فصحح حديثه في المستدرك. واتهمه به في موضع آخر، فقال: يقال إنه حدث عن عبادة بن نسي بحديث موضوع، والأسود بن ثعلبة قال ابن المديني في كلامه على هذا الحديث: إسناده معروف إلا الأسود فإنه لا يحفظ عنه إلا هذا الحديث، كذا قال مع أن له حديث آخر من روايته عن عبادة بن الصامت أيضاً، رواه أبو الشيخ في كتاب ثواب الأعمال، وثالث أخرجه الحاكم في النساء تطهير، ورابع أخرجه البزار في الفتن، كلاهما من حديث معاذ بن جبل، ولم ينفرد به عن عبادة، بل تابعه جنادة بن أبي أمية، رواه أبو داود والحاكم والبيهقي، لكن قال البيهقي: اختلف فيه على عبادة، فقيل عنه عن الأسود بن ثعلبة، وقيل عنه عن جنادة، ورواه الدارمي بسند على شرط مسلم من حديث أبي الدرداء، لكن شيخه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل لم يخرج له مسلم، وقال فيه أبو حاتم: ما به بأس، قال دحيم: حديث أبي الدرداء في هذا ليس له أصل.
(١) وحكى الإِمام كلام القفال ثم قال: وفيه نظر لأن الهبة عقد تمليك، والظنون لا تغير مقتضيات العقود. نعم يمكن تخريج هذا على أن النظر في العقود إلى المقصود أو إلى مقتضيات الألفاظ من العقود. فإن نظرنا إلى الأول صح ما قاله القفال، وإن نظرنا إلى الثاني فلا رجوع إذ لا يغلب بالقبض.

<<  <  ج: ص:  >  >>