الحَمْل، فإن قلْنا: لا يجب التعجيل، بل يُؤَخّر إلى الوضع، لم تسقط نفقة المدة الماشية، وإلاَّ، فلا يكون الايجابُ مفِيداً وإن أوجبْنا التعجيل، فمنهم مَنْ قال: يُبْنَى سقوط نفقة المدة الماضية على أن النفقة للحَمْل أو للحاملْ؟ إن قلْنا: للحامل، لا تسقط، وتصير دَيْناً في الذمة، كنفقة الزوجة، وإن قلْنا: للحمل، يسقط؛ لأن نفقة القَرِيب تَسْقط بمضيِّ الزمان، وهذا ما أورده المتولِّي وصاحب الكتاب، ومنْهم مَنْ قال: لا تسقط، وإن قلْنا: إنها للحَمْل؛ لأن المرأةَ مستحقةٌ لها، وانتفاعها بها أكبر من انتفاع الحمل، فكان كنفقة الزوجة؛ ولذلك قلنا بأنها تَتقدَّر، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب" وغيره.
وقد حكى الطريقَيْنِ الشيخُ أبو عليٍّ وقال: ظاهر المذهب ما عليه الجمهور: أنها لا تسقط على القولَيْنِ، ويجوز أن يُعْلَم لذلك قوله في الكتاب:"فإنه تسقط بمضي الزمان" بالواو.
[و] الثانية: نفقة البائنة الحَامِل، هل تجب على الزوج الرقيق قال الأصحاب: يُبْنَى ذلك على القولَيْن في أنَّ النفقة للحَمْل أو للحَامِل؟ إن قلْنا: للحمل، لم تجِبْ عليه؛ لأن الرقيق لا يلزمه مؤنة القريب ونفقته، وإن قلنا: للحامل، وجب، وكان شَغْل مائِهِ الرَّحمَ كرابطة الزَّوْجية.
الثالثة: لو كان الحمل رقيقاً لكون الأم رقيقةً، ففي وجوب النفقة على الزوْج حرّاً كان أو رقيقاً قولان: إن قلْنا: إن النفقة للحَمْل، لم تجب عليه، بل هي على المالك، وإن قلْنا: للحامل، وجبت، ومن فروع القولَيْن صور أخر:
منها: ذكر القاضي ابن كج أنَّه إذا كان الحمْل موسراً، وقلْنا: إنَّ النفقة للحَمْل، وإنَّها تُؤَخَّر إلى الوَضْع، فإذا وضَعَتْ، سلمت النفقة من ماله إلى الأم، كما تنفق عليه من ماله في المستقبل، قال: ويُحْتمل عنْدِي أن يكون ذلك على الأب، وإن قلْنا: يجب التعجيل، فلا تُؤْخَذ من مال الحمل، كما لا يوجب فيه الزكاة والمؤنَات، ولكِنْ ينفق الأب عليها، فإذا وضَعَت، ففي رجوعه في مال الصبيِّ وجهان.
ومنها: قال ابن الحدَّاد: لو اختلف المبتوتة والزوج في وقْت الوضع، فقالت: وضعت اليوم وطالبته بنفقة شَهْرٍ قبله، وقال: بل وضعَتْ منذ شهر، فالقولُ قول المرأة، وعليه البينة؛ وذلك لأنَّ الأصْل عدم الولادة، واستمرار النفقة، ولأنها أعرف بالولادة، وهذا ظاهر على قوْلِنا: إن النفقة للحامل، أما إذا جعلْناها للحمل، فهو مبنيٌّ على أن هذه النفقة لا تسقُطُ بمضيِّ الزمان، إلا فلا يمكنها المطالبة بنفقة ما مضى، ولو كانت المبتوتة رقيقةً، وفرض هذا الاختلاف، فإن قلْنا: إن النفقةَ للحَمْل، فلا معنى لِهَذا الاختلافِ، ولا شَيْء عليه لا قَبْل الوضع ولا بعده، وإن قلْنا: للحامل، فالحُكْم كما في الحُرَّة، ولو وقع هذا الاختلاف بين الموطوءة بالشبهة أو المنكوحة نكاحاً فاسداً وبين