للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي ابن كَجٍّ: أن جمهور الأصحاب عليها، والمشهور طريقةُ القولَيْنِ.

التفريعُ: إنْ قلنا: لا يمهل ثلاثاً، فمتى يفسخ؟ فيه وجهان:

أحدهما: أنَّ لها المبادرةَ إلَى الفَسْخ من أول النهار بعَجْزه عن توفية الواجب وقْت وجوبه وأقر بهما، وهو المذكور في الكتاب: المنع؛ ليرتفع النهار، ويتردَّد ويكْتَسِب وكثير من الناس يَكْتَسِبون نفقة اليوم في اليوم، والتسليمُ في أوَّل النهار إنما يجب على الوَاجِد، وعلى هذا فقد ذكرت احتمالات: أحدهما أنها تؤَخِّر الفَسْخ إلى شَطْر النهار؛ فإنه لا يؤخر الأكل عنه غالباً.

والثاني: إلى آخره، وهو وقت إفطار الصائمين.

والثالث: إلى انْقِضَاءِ اليوم والليلة بعْده؛ لأن النفقة لها وبِمُضِيِّهما يستقر العجز عن الحَقِّ يتحقَّق بعد استقراره، وفي هذا التوجيه توقُّفٌ؛ لأن الاستقرار غير موقوف على مُضِيِّهِمَا؛ ألا تَرَى أنه لو سَلَّم النفقة، فماتَتْ في أثناء النهار، لا يسترد ورأَى صاحبِ الكتاب مع ذلك الاحتمال الثالث أوجه، وذكر في "الوسيط" أن حاصِلَهُ الإمهالُ يَوماً وليلةً واعْلَم أنه قد نَقَلَ عن "الإملاء" أنه يمهل المعسر بالنفقة يَوماً، وجعله أبو الفرج السرخسيُّ قولاً ثالثاً، والأكثرون امتنعوا منْه، وقالوا: المراد منه أنه لو أمْهَلَه يوماً، جَازَ؛ لأنه لا يزيد عليه.

ثم هذا إذا لم يتَّخِذْه عادةً، فأما إذا كان يعتاد الإتْيانَ بالطعام لَيْلاً، لم يحتمل وكان لها الفسخ؛ لأن فيه تكليفَ صِيَامِ الدَّهْر، وهو سياق، وليس ما يُحْتَمَل نادراً يُحْتَمَلُ، إذا تكرَّر ويَقْرُب منْ هذه الصورةِ ما ذكر في "العُدَّة" أنه لو لم يجد النفقة في أول النهار، وكان يجِدُها في آخِرِ النَّهَار، فلها حق الفسْخ في أصحُّ الوجهين، أو هي؟ وإذا قلْنا: لا فَسخ في أول النهار، فلو قال صبيحة اليوم: أنا عاجزٌ لاَ أتوقَّع شيئاً، فقد ذُكِرَ فيه احتمالان:

أحدهما: أن لها الفَسْخَ في الحال؛ لتصريحه بالعَجْز وعدم التوقُّع.

وأقربهما: التأخير فقد يرزق الإنسان من حَيْثُ لا يحتسب، وأما إذا فرَّعنا على الأصحِّ، وقلنا: إنَّه يُمْهل ثلاثَةَ أيَّامٍ، ففيه مسائل:

إحْدَاها: إذا مَضَتِ الأيام الثلاثة، فلها الفَسْخ صبيحة اليوم الرابع، إن لم يُسلِّم النفقة (١)، وإن سلَّمها, لم يجُزِ الفسخ لما مضى وليس لها أن تَقُول: آخذ هذا عن نفقة


(١) أحدهما: تقييده الوجوب بصبيحة اليوم الرابع يشعر بأن حق الفسخ على هذا القول إنما يثبت عند كمال الأيام والليالي.
الثاني: ظاهره تمكنها من الفسخ بطلوع فجر الرابع بلا مهلة وبه صرح الغزالي والإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>