القاضي لا يطلِّق على المُولِي، بل يحبسه، ليُطلِّق وقد ذكرهما جميعاً أبو الفرج السرخسي تفريعاً على أن هذه الفُرْقَةَ طَلاَقٌ.
وقوله:"وإن قلنا: فسْخٌ، فلا بُدَّ من الرفْع؛ لإثبات الاعسار" هذَا لا يَخْتَصُّ بقولنا: "إنه فَسْخٌ، بل الرفع وإثبات الإعسار لا بُدَّ منْه، سواء جعَلْنا هذه الفُرْقة فسخاً أو طلاقاً، لكن لَمَّا ذكر من بَعدُ أن لها أنْ تَفْسِخَ بعْد ما ثَبَت الإعْسَار، أشار إلى أن الرَّفْع على هذَا القَوْل؛ لإثبات الإعْسَار والطَّلاَقِ [أما الفَسْخ بعد ذلك، فهو بيدها، وأمَّا على قول الطلاق، فيرفع الأمْر لإثبات الإِعْسَار]؛ فإنها لا تُمَكَّنُ من التطليق.
وقوله: "ثم لَهَا الفَسْخُ، إذَا أَقَامَتِ الْبَيِّنَة أو أقرَّ الزوج" يشبه أن يكون جواباً على الوجْه الذي قِيل: إنها تستقل بالفَسْخَ بعد ثبوت الإعْسَار، وجْه يُشْعِر إيراد "البسيط" و"الوسيط"، والأشهر أن القاضِيَ يَفْسَخ أو يأذن لها في الفسخ على ما بَيَّنَّاه، والله أعلم بالصواب.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد تَقدَّم أن النفقة تَجِبُ صبيحةِ كلَّ يوم، وإنَّما تُسلَّمُ كلَّما طلع الفَجْر، فإذا عَجَز عن تسليمها، فينجز الفسخ أو تُمْهَل ثلاثة أيام فيه قولان:
أحَدُهما: أنها لا تُمْهل؛ لأن السبب الإعسار، وقد حَصَل، ولأنه فَسخ؛ لتعذر الرسول إلى الغَرَض، فأشبه فسخ البيع بإفلاس المشتري بالثَّمَن، ويُنْسب هذا إلى القَدِيم.
وأصحُّهما: أنه تُمْهَل ثلاثة أيامٍ؛ ليتحقق عجزه، فإنَّ الإنسان قد يَتعسر عليه وجْه الإنفاق؛ لعوارض ثم نزول، وهذه مدَّةٌ قريبةٌ لا يَصْعُب تزجيتها باستقراض وغيره، وقيد بعْضُهم التصوير بما إذا اسْتَمْهَلَ الزوجُ، والظاهر أنه لا حاجَةَ إليه، والقولان كالقولين في أن المُولِيَ والمرتَدَّ يُمْهَلاَن هذه المدة، وفي المسألة طريقةٌ قاطعةٌ بالإمْهَال، وادعى