للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيتجدد الإمْهَال على قولنا: إنَّه يُمْهَل ولا يعتد بما (١) مضى، وفيه احتمال للإمام والقاضي الرويانيِّ، والظاهر الأول، بخلاف امرأة المُولِي، إذا رَضِيَتْ، ثم عادَتْ إلى المطالبة لا تستأنف مدة الإيلاء، وفرق بأن المدة هناك منْصوصٌ عليها غير موقوفةٍ على طلَبِها، وهاهنا مدَّةُ الإمهال يَقَع بعد طلبها، وإذا تَعلَّقت بطلبها، سَقَطَ أثرها برضاها، وإذا اختارَتِ المُقَام معه، لم يَلْزَمْها التمكين من الاستمتاع، وكان لها الخروج من المنزل، ذكره صاحب "التهذيب" وغيره، وإذا لم تمنع نفسها [منه]، ثبت في ذمته ما يجب على المُعْسِر من الطعام والإدام وغيرهما، وخروجها بالنهار للاكتساب لا يوجب نقصاناً، فيما يثبت دَيْناً في ذمته، بخلاف ما إذا سَلَّمت الأمة ليلاً، ومَنَعَت نهاراً؛ لأنَّ المُحْوِج إلى الخروج المُنْقِص للاستمتاع هاهنا إعسارُه حُكِي هذا عن "الحاوي" وهذا في النفقة، أما إذا أعْسَرَ بالصَّداق، وتَرافَعَا إلى الحاكم، فَمَكَّنَها من الفسخ، فرضيت بإعساره، ثم بدا لها أن تفسخ، لم تُمَكَّن؛ لأنَّ الضَّرَر فيه لا يَتجدَّد، والحاصِلُ مَرْضِيٌّ به، هذا ما أطلقه الجمهور.

وعن أقْضَى القضاة: المَاوَرْدِيُّ: أن ذلك فيما إذا كانت المحاكمتان مَعاً قبل الدُّخُول أو بَعْدَه، فأما إذا كانتِ المحاكَمَةُ الأُولَى قبل الدخول، والأخرى بَعْدَه، فوجهان:

وجْهُ تجويز الفَسْخ أن بالدخول يستقر ما لم يكن مستقراً قبله، فالإعسار به يجوز أن يُجَدِّد خياراً، ولو نكَحته وهي تَعْلَم إعساره بالصداق، فهل لها الفسخ؟ فيه وجْهان نقلهما القاضي الرويانيُّ (٢).

أشهرهما: المنع كما لو رضيت به في النِّكاح، ثم بدا لها بِخِلاَف النفقة، وليس لها الامتناع بعد الدخول إذا مكَّنَّاها من الفسخ، واختارت المُقَام معه، ولا بد في الإعسار بالصَّدَاق مِنَ المرافَعَة إلى القَاضِي كما في النفقةِ، والخيار فيه بعْد المرافعة على الفور، فلو أخَّرت الفَسْخ، سقَط، ولو علمت إعساره، وأمسكت عن المرافعة والمحاكمة، نُظِرَ؛ إن كان ذلك بَعد ما طالَبَتْهُ بالصَّداق، كان الإمساك عن المحاكمة والمرافعة رضاً بالإعسار، وسَقَطَ خيارها، وإن كان قبل المطالبة، لم يَسْقُط، وقد تُؤخِّر المطالبة على توقُّع اليسار، ذكر ذلك القاضي الرُّويانيُّ.


(١) قضيته أنه لا بد من الإمهال أيضاً فيما إذا كانت عالمة بإعساره وهو ظاهر ولكن صرح ابن عصرون في فوائد المهذب بخلافه.
(٢) جعل المتولي موضع الخلاف ما إذا لم يشترط في الصداق أجلاً، وقضيته أنه لو كان مؤجلاً ثم حل وأعسر به قبل الدخول أنها تختار بلا خلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>