وقوله في الكتاب:"فيه قولان" يجوز إعلامه بالواو؛ للطريقة القاطعة، وكذا قوله:"لا يُفْسَخ في أول النهار".
وقوله:"بل آخِر النهارِ، أو بَعْدَ انقضاءِ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ" لا يخفى أنه ليس على التخيير، بل هو إشارةٌ إلى احتمالَيْن من الاحتمالات المَذْكُورة، وقوله:"فيحتمل أن يقال لا يفسخ في الحال إلى انقضاء اليوم" فيه تنبيه على الاحتمال الآخر، وإن لم يُصرِّح به، وقوله:"وإن رضيت بعْد انقضاء المدة، فلها الفسخ" يجوز أن يعلم بالواو؛ لما حكيناه عن الماوَرْدِيُّ.
وقوله:"كزوجة المُولِي لا كزوجة الْعنِّين" قد ذَكَرَ حُكْمَ العُنَّةِ في بابها، مع ذِكْر مخالفة الإيلاء لها، وذكَرَهُما مع حكم الرِّضَى بالإعْسَار في الإيلاء مرَّةً أخْرَى، وأعاد الصور الثلاث هاهنا مرَّةً ثالثةً، فكان من شرط الإيجاز أن يذكر كل صورة في بابها، أو يقتصر على إيرادها مجموعةً مرةً واحدةً.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا ثبت حقُّ الفسخ بإعسار [الزوج] بالنفقة، تخيَّرت الزوجة بين أن تَفْسَخ وبين أن تَصْبِر على الإعسار، ولا اعتراض للوَلِيِّ عليها, وليس له الفَسْخ نيابةً عنها، كما لا ينوب في الطلاق، وذلك؛ لأن الأمر فيهما يتعلَّق بالطبع والشهوة، فلا يفوَّض إلى غير صاحب الحَقِّ، وهذه مقدمة تتدَرَّج منها إلى مسأَلَتَيْنِ:
إحداهما: وَليُّ الصغيرة والمجنونة ليس لهما الفسْخُ بإعسار الزوج بالنفقة، وإن كانت المصلحة [تقتضيه، كما لا يُطلّق على الصغير والمجنون، وإن كانت المصلحة](١) فيه، وينفق على الصغيرة والمجنونة مِنْ مالهما، فإن لم يكن لَهُما مالٌ، فنفقتهما على مَنْ عليه نفقتها, لو كانَتَا خَلِيَّتَيْن، وتصير نفقة الزوجة دَيْناً عليه يُطَالَبُ به إن أيسر، وكذلك لا يفسخ الوليُّ بالإعسار بالمهر، إن جعلْناه مثبتاً للخيار، وأشار في "التتمة" إلى أنه لا مصْلَحة لهما فيه؛ لأنه إن فسَخَ قبل للدخول، يسقط نصْفُ المهر، وإن فَسَخَ