إليها وفي "التتمة": ما يخالف بَعْض هذه الجملة، فإنه قال: حَقُّ الاستيفاء للسيِّد حتى لو صَرَفَ الزوْجُ النفقة إليها، بدون إذن السيد، لم يبرأ عن العهدة، ولهذا لو استوفَى النفقة، وأنفق عليها من ماله جاز، والأشبه الأوَّل، وذَكَرَ في "التهذيب": أنها لو أبرأت الزوج عن نفقةِ اليَوْم، جاز، وما صار من النفقة دَيْناً في الذمة، ليس لها الإبراء عنه كما في الصداق وقد تنازع قياس الملك في الإبراء عن نفقة اليوم إلا أن نفقة اليَوْم للحاجَةِ الناجزة وكأنا لا نثبت المِلْكَ للسيد إلا بَعد الأخْذِ، وقبله تمحض الحقِّ لها, ولذلك نقول: ليس له الفسْخُ على الأظهر، ولو اختلفتِ الأمة وزوجُها في تسليم نفقة اليوم أو نفقة أيام مستقبلة، فالقول قَوْلُها مع يمينها, ولا أثر لتصديق السيد الزوج ولو اختلفا في النفقة الماضية فقد حكَى القاضي الرويانيُّ فيه وجهَيْن:
أحدهما: أن السَّيِّدَ يكون شاهداً له، ولا يثبت المُدَّعَى بتصديقه.
وأصحُّهما: أنه يثبت للمُدَّعَى بتصديقه، والخصومة في النفقة الماضية للسيِّد لا لها كالصداق، وحقُّها فيما يتعلَّق بالمستقبل، وهذا ما أوردها في التتمة (١)، وشبه بما إذا أقر السيِّدُ على عبده بأنه جَنَى خَطَأَ، وأنكر العبدُ، لا يُلْتَفَتُ إلى إنكاره، قال: ولو أقرَّت الأمة بالقَبْض، وأنكر السيد، فالمنصوص في كتاب "عِشْرة النساء" وذكره المزنيُّ -رحمه الله- في "الجامع الكبير": أن القول قولُها؛ لأنَّ القبض إليها، إمَّا بحُكْم النكاح، أو بتصريحه بالإذْن، وفيه صُوَرُ المسألة، وحكى أبو يعقوب الأبيوردي عن بعضهم أن القَوْلَ قَوْلُ السيِّدِ؛ لأن المِلْكَ له.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: جميع ما ذكَرْنا مفرَّعٌ على أن الإعْسار بالنفقة يُثْبِتُ حقَّ الفسخ، أما إذا قلْنا: إنَّه لا يُثْبِتُه، فلها الخروج من المسكن؛ لطَلَب النفقة، إن كانَتْ تحتاج إلى الخروج لتحصيلها، وإن أمكن أن تُنْفِقَ من مالها، أو أن تكتسب بغَزْلٍ ونحوه في المسكن، فوجهان:
أحدهما: أنَّها لا تخرج إلا بإذنه، لأنها قادرةٌ على توفية حقِّه وإن كان هو عاجزاً عن توفية حقِّها.
(١) ما رجحه جعله ابن الصباغ احتمالاً له فقال بعد أن حكى الأول عن الأصحاب: ولهذا قال في البيان لو صدقه السيد أنه قد سلمها نفقة مدة ماضية. قال أكثر أصحابنا: لا يقل إقرار السيد عليها، وإنما يكون شاهداً للزوج لأنه مقر في حقها فلم يقبل كما لو أقر عليها بما يوجب القود. وقال ابن الصباغ: يقبل لأن النفقة للمدة الماضية حق له للأمة. انتهى والصواب ما قاله ابن الصباغ.