للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يجب القُوت، كي لا تختل القوى بالخبز البَحْت، وفي "التهذيب" ما ينازع في وجوب الإدام، وتجب الكسوة والسُّكْنَى على ما يليق بالحال، وإذا احتاج إلى الخدمة، وجب مؤنة الخادم أيضاً.

وتسقط نفقة القريب بمُضِيِّ الزمان، ولا يصير دَيْناً في الذمة، وإن تَعدَّى بالامتناع من الإنفاق، وفي نفقة الصغير وجْهٌ أنَّها تثبت في الذمَّة تبعاً لنفقة الزوجة، لاعتنائها به كاعتنائها بنفسها، والظاهر الأول؛ لأنها ليست عوضاً، وإنما هي معونة ومواساة، ولذلك قال الأئمة: لا يجب فيها التمليك، وإنما الواجب الإمتاع، ولو سلَّم نفقة القريب إليه، فتلفت في يده، فعليه الإبْدَال، وهذا لو أتلفه المُسَلَّم إليه بنفسه لكن يؤخذ منه الضمان، إذا أيسر، ويستثنى ما إذا فرض القاضي، وأذن في الاستقراض؛ لغيبة أو امتناع، فيصير ذلك دَيْناً في الذمة (١).

الثانية: سَبَقَ في النكاح حكايةُ قولَيْن: في أنه هل يجب على الابن إعفافُ الأب، وإذا أوجبناه، فأحد الطُّرُق أن سبيلَهُ سبيلُ النفقة في مواضِعِ الوفاق، وهو المُعْسِر الزَّمِن، والخلاف وهو المُعْسِر الصحيح.

والثاني: أن النفقة أوْلَى بالوجوب.

والثالث: أن الإعفاف أوْلَى به، وإليه ذهب أبو إسحاق والإصطخريُّ، وأنه إذا أعفَّه بزوجة أو ملَّكَه جاريةً، لذمته نفقتها، والقيام بمؤناتها، وأعاد مسألة الإعفاف مقتصراً على الأصح، وهو وجوبه [للأب]، فإذا كانت للأب زوجةٌ، فعلَى الابن الإنفاق عليها، حيْث ينفق على الأب, لأنه إذا وجب عليه أن يُعِفَّه ابتداءً، فعليه أن ينفق على


(١) قال في القوت: أما صيرورتها ديناً بمجرد فرض القاضي ذكره في الوسيط والوجيز فقط وتبعه الرافعي والمصنف، وهو منتقد، ووهم ابن أبي الدم فزعم أنه لا خلاف فيه، وهذه المسألة تعم بها البلوى وحكام العصر يحكمون بذلك ظانين أنه المذهب فيجب التنبيه لها وتحريرها.
قال بعض أهل العلم: لم أر استقرارها بفرض القاضي إلا في الوسيط والوجيز والشرح وما أخذ منه.
قال: ويرده المعقول والمنقول، وقد كشفت كتباً كثيرة كالحاوي والشامل والنهاية والبسيط والمهذب وغيرها وليس فيها إلا القول بالسقوط دون استثناء فرض. وقاله المتولي لا يستثنى إلا مسألة الاستقراض وما عداها السقوط فيه نظر، وكذا قال في التهذيب والبحر لكنهما عزيا الاستثناء إلى صاحب التلخيص وهو لفظي، والحال في رد كلام الغزالي.
ثم قال: وممن صرح بأنها لا تستقر عليه بفرض القاضي الشيخ نصر في تهذيبه والمحاملي في "عدة المناظر"، ومحمد بن يحيى تلميذ الغزالي في تمهيده قال: ونقله ثقة عن معتمد البندنيجي. انتهى. وروايته في معتمد أبي نصر البندنيجي في كلامه على نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان، ورأيته في المعتمد في إتقان مسائل المذهب المجرد عن الشَّافعي لبعض المتقدمين، ثم الحال في ذلك، وأخذ في الخادم كلام الأذرعي كاملاً وزاد عليه بعض زيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>