زوجته استدامةً للنكاح، ولذلك، لو كانَت له أمُّ وَلَدٍ.
ولو كانت تحْته زوجتان أو أكثر لم تلزمه إلا نفقة زوجةٍ واحدةٍ، كما لا يعفه في الابتداء إلا بواحدةٍ، ويدفع تلْك النفقة إلى الأَبِ، وهو يوزعها عليهما، ويكون لكلِّ واحدةٍ منهما حقُّ الفَسْخِ، لعدَم وصولها إلى تَمام حقها، وإن فسخت واحدةً تحت النفقة للأخرى، وحكىَ الشيخ أبو عليٍّ وجهاً ضعيفاً. أنه إذا كانَتْ تحته زوجتان أو أكثر، لم تَلْزَمْه النفقة؛ لأنَّ المستحِقَّ لا يتعيَّن، ولو كان للأب أولادٌ، ففي "التتمة": أنه يجب على الابن الإنفاقُ عليهم من جِهَة أنَّ نفقتهم واجبةٌ على الأب، فيتحمل الابن عنه كنفقة الزوجة، والظاهر، وهو الذي أورده الشيخ أبو عليٍّ: أنها لا تَجِبُ وفرق بينهما وبين نَفَقَة الزوجةِ من وجهَيْن:
أحدهما: أنه إذا لم ينفق عليها، فسخَت النكاح، فيتضرر الأب.
والثاني: أن نفقتها تجب على الأب وإن كان معسراً، فيتحمل عنْه الابن، ونفقة الأولاد لا تجب على الأب، وهو مُعْسِرٌ، فلا معنى لتحمُّل الابن عنه وإذا كان الابن في نفقة أبيه، وله زوجة، فهل على الأب الإنْفَاق علَيْها؟ عن القاضي أبي حامِدٍ وغيره: أنه على وجْهَيْنِ، والأظهر: المَنْع؛ لأنه لا يجب على الأب إعفافُ الابْنِ، والذي أورده صاحب "المهذب": أنه يجب عليه الإنفاقُ عليها، وأنه يجب الإنفاق على زوجةِ كل قريب، وجَبَتْ نفقته؛ لأنه من تمام كفايته، وقد حكاه القاضي الرويانيُّ عنه واستغربه، وأما إذا كان لِلابْنِ أولادٌ، فعلى الأب الإنفاق عليهم بحُكْم الجدودة وإعسارِ الأبِ.
وكما يجب على الابن نفقةُ زوْجَةِ الأب (١)، يجب عليه كُسْوَتُها. قال في "التهذيب": لا يجب الإدام، ولا نفقة الخادم؛ لأن فقْدَهما لا يُثْبِت الخيار، ولكن قياس ما ذكرنا أن الابْن يتحمَّل ما وجب على الأب وجوبهما؛ لأنهما واجبان على الأب مع إعساره.
الثالثة: إذا امتنع الأب من الإنفاق على الوَلَدِ الصغير أو كان غائباً، أذن القاضي لأُمِّه في الأخذ من ماله أو الاستقراض عليه، والإنفاق على الصغير بشرط أهليتهما لذلك، وهل تستقل بالأخْذِ من ماله؟ فيه وجهان:
أظهرهما: عند صاحب الكتاب وغيره: نعم؛ لقصة هند.
والثاني: لا؛ لأنها لا تلي التصرف في ماله، فلا تلي التصرُّف في مال أبيه، ومَنْ
(١) قال الشيخ البلقيني: النفقة التي تجب على الابن هل هي نفقة معسر نظراً إلى حال الأب أم ينظر إلى حال الابن أم تعتبر الكفاية لأنها وجبت تبعاً لنفقة من نفقته على الكفاية الظاهر الأول.