قَالَ الرَّافِعِيُّ: آخر الفروع أنَّ الأخت منْ الأبَويْنِ مقدَّمة على الأخت للأب، وعلى الأخت للأم؛ لزيادةِ قرابتهما، وهل تُقدَّم الأختُ للأبِ عَلَى الأختِ للأمِّ؟ الظاهرُ، وهو الحكاية عن نَصَّه -رضي الله عنه- في الجديد والقديم معاً: أنها تَتقدَّم لأنهما يستويان في الشَّفَقَةُ والقُرْب، واختصت هي بقوَّة الإرث، وبانها قَدْ تصير عصبة، فتترجَّح، وأيضاً أختان مِنْ أهل الحضانة فيتقدم أقواهما ميراثاً، على الأخرى، كالأخت مِنَ الأبوين مع الأخت مِنْ الأب، وبهذا قال أحمد، وقال المزنيُّ وابن سُرَيْجٍ يتقدم الأختُ منْ الأم على الأخت من الأب، وهو مذْهَب أبي حنيفة؛ لأن من تدْلِي بالأم تتقدم على منْ تدلي بالأب، كما تتقدَّم الجدة أمُّ الأمَّ على الجَدَّة أمِّ الأب، وحكى القاضي ابن كج: أن أبا إسحاق كان يَقُول به برهةً من الدهر، ثم رَجَع عنه، ورجح ابن سُرَيْج للمعنى الذي ذكره تقديم الخالة على الأخْتِ من الأب أيضاً، وعن أبي حنيفة فيه روايتان، وذكر الأئمة بناءً على ظاهِرِ المذهَب أن الشَّافعيَّ -رضي الله عنه- يُقَدِّم في الجديد بالولادة المحقَّقة ثم بالولادة الظَّاهرة، ثم بقُوَّة الإرث، وأراد بالولادة المحقَّقة بالأم وأمهاتها، وبالولاَدَةِ الظَّاهرةُ [آباء الأمهات](١)، وأشاروا بقوَّةِ الأَب إلى تقْديم الأخت على الخالة والأُخْتِ للأبِ على الأخْت للأُمِّ، وبقوة الإدلاء: إلىَ تقديم الخالة على العَمَّة.
وأما الخالة للأب مَعَ الخالة للأمِّ والعمَّة، فإن قُدِّمَتِ الأختُ للأمِّ على الأختِ للأبِ، فكذلك هاهنا، وإن قدمت الأخْتُ للأبِ، فهاهنا وجهان:
أحدهما: أنها تَتقدَّم الخالة للأم والعمَّة للأم أيضاً؛ لأن التقديم هناك كان لِقوَّتها في الإرث، وهاهنا، لا إرث لواحدةٍ منهما، وأظهرهما تقديمُ التي هي للأبِ لقُوَّة الجهة، واستدلَلْنا هناك بالإرْثِ على قوة الحجة ولا يراعى غير الإرث.
وفي الخالة للأب وجْهٌ: أنَّها لاَ تستَحِقُّ الحضانةَ أصْلاً؛ لأنها تدْلِي باب أب الأم، فأشبهت أمُّ الأبِ.
وقوله في الكتاب:"الأخت للأب مقدَّمةٌ على الأخت للأم في الجديد" ويجوز أن يُعْلَم مع الحاء والزاي بالواو؛ لأنهنَّ خصصن في الذكر وجه تقديم الأخت بالقديم،