حيث قال:"وفي القديم وجْهٌ وذلك الوجه مطرد على الجديد والقديم، ويجوز أن يكون تخصيصه بالذِّكْر؛ لأنَّه على القديم أظْهَر وأشار بعْضُهم إلى أنَّه منْصُوصٌ عليه، وبجوز أن يُعْلَم قوله: "أولى" بالألف، وأن يُعْلَم قوله في الفصل السابق: "ثم الأخوات ثم الخالات" بالواو، لتقديم ابن سُرَيْجٍ الخالة على الأخْتِ للأب.
الفَرْعُ الثاني: النَّصُّ أنَّه لا مدْخَل في الحضانة لكل جَدَّة ساقطةٍ في الميراث، وهي التي تُدْلِي بذكَرِ بَيْن أنثيين؛ كأمِّ أب الأمِّ، وهو ظاهر المَذْهَب، ووُجْه بأنَّها تُدْلِي بمَنْ لا حَقَّ له في الحضانة بحالٍ، فأشَبَهَتِ الأجانب، وتخرج علَيْه أم الأم إذا كَانَتِ الأمُّ فاسقةً أو مزوَّجةً؛ لأن لها حقّاً في الحضانة [فى الجملة والتوجيه، مبني على أن أب الأم لا حق له في الحضانة بحال](١)، وفيه خلاف سيأتي -إن شاء الله تعالى- وفي الجدَّات الساقطات وجْهان آخران:
أحدهما: أنَّ لهنَّ الحضانة؛ لقرابتهن، وشمول أحكام البعضية لهن؛ مِنْ رد الشهادة والعِتْق ولزوم النفقة، وغيرها؛ لكنهن يتأخَّرْن عن جميع المذكورات مِنْ قَبْلُ لضَعْفِهِنَّ.
والثاني، عن رواية الشيخ أبي عليٍّ: انَّهنَّ "يَسْتَحْقِقنَ" الحضانة، ويتقدمن على الأخوات والخالات؛ لأنهن أصول ويتأخَّرْنَ عن الجَدَّات الوارثات، وفي معنى الجَدَّة الساقِطَةِ كلُّ مَحْرم تُدْلي بذَكَر لا يرث، كبنت ابن البنت وبنت العم [للأم].
الفرع الثالث: الأُنْثَى التي لَيْسَتْ بمَحْرَم؛ كبنت الخالة وبنْتِ العمة وبنْتِ الخال وبنت العم، في استحقاقِهِنَّ الحضانَةَ وجْهان مذكورانِ في الكتاب:
أحدهما: أنه لا تستَحِقُّها؛ لأن الحضانة تُحْوِج إلى معرفة بواطن الأمورِ، ويقع فيها الاختلاط التَّامُّ، فالأَوْلَى تخصيصها بالمحارم.
ووجه الثاني: شفقتهن بالقرابة، وهدايتهن بالأنوثة، والأول أظْهَرُ عنْد صاحب الكتاب، والأشْبَهُ بكلام غيره ترجِيحُ الثاني، وعليه ينطبق إيراد الفورانيَّ وصاحب "التهذيب" والقاضي الرويانيَّ ويُفَرَّق بينهن وبيْن الجَدَّة الساقِطَةِ بأنَّها تُدْلِي بغير وارث بخلاف هؤلاء، وإذا قُلْنا بالوجه الثاني، فإذا كان المولود ذكراً، فإنما يكونُ لَهُنَّ حضانَتُه، إذا لم يبلغ حَدّاً يُشْتَهَى مثله، وتُقدَّم بنات الخالات عَلَى بنات الأخوال، وبنَاتُ الأعمام علي بنات العمات، وبناتُ الخُئُولَة علي بنات العمومة.
فِرْعَانِ: لبنت المجنون حضانَتُهُ، إذا لم يكن له أبوان، ذَكَره القاضِي ابن كج، وذكر الرويانيُّ أنه لو كان للمحضون زوجةٌ كبيرةٌ، وكان له استمتاعٌ بها، أو لَهَا استمتاعٌ