المستَحِقُّ، قُتِلَ بالردة، وتُقْضَى الديةُ من ماله وكذا الحكم إذا قلْنا: لا يجب القصاص.
الثانية: لا قصاصَ على المُسْلِم بقتل المرتدِّ، ولو قتل مرتدٌّ مرتداً، ففي وجوب القصاص عليه وجهان:
الصحيح منهما: الوجوب، كما لو قتل ذميٌّ ذميّاً.
والثاني: المَنْعُ؛ لأن المقبول مباحُ الدَّمِ، وأجرى الخلافُ فيما لو قتل الزاني المحصنُ مثلَهُ، أو قتل المرتدُّ زانياً محصَنًا، ولَا خلاف في أنه لا يجب القصاص على الزاني المحْصَن، إذا قتل ذميّاً أو مرتدّاً، وإن كان يستحقُّ القتْلَ لاختصاصه بفضيلة الإِسلام، ولو قتل ذميٌّ مرتدّاً، ففي وجوب القصاص قولان أو وجهان:
أصحهما: المنع؛ لأنه مباح الدم، ولا يجب القصاص بقتله، كالحربيِّ، وكما لو قتله مسلِمٌ.
والثاني: يجب؛ لأن استحقاق قتْلِه للمسلمين، فإذا قتله غيرهم، كان كما قَتَل مَنْ عليه القصاصُ غيرُ المستحِقِّ، وعن القفَّال وغيره: بناء هذا الخلاف على القَوليْن في المسألة الأُولى، فإنْ قلنا يقتل المرتدِّ بالذميِّ؛ لأنه أسوأ حالاً منه، فلا يُقتل الذميُّ بالمرتدِّ؛ لأنه معصومٌ، وإن قلْنا: لا يُقتل المرتدُّ بالذميِّ؛ لبقاء عُلْقة الإِسلام فيه، فيُقْتل الذميُّ به، وفي "التهذيب" طريقة أخرَى قاطعة بِمَنْعِ القصاص.
تفريعٌ: إن قلْنا بوجوب القصاص، فقد ذكر الإِمام: أن الشيخ أبا عليٍّ -رحمه الله- قال: يستوفيه الإِمام أو مَنْ يَنُوب عنْه، وأنه حَكَى قولاً غريباً: إن حقَّ الاستيفاء لقريبه المسلم الذي كان لو كان مسلماً، وإذا عفا المستحِقُّ واختار الدية، أو كان القتْلُ خطأً، ففي وجوب الدية وجهان:
أحدهما: تجبُ الدية كما يجب القصاص.
والثاني: المنْع؛ لأنه لا قيمة لدمه، وإنما أوجَبْنا القصاص؛ لأن الذميَّ يقتله عناداً لا تديُّناً؛ فإنه يعتقده محقون الدم، بخلاف المُسْلِم، فقتلْنَاه به زجْرًا وسياسةً، وقد يقال: هذا المعنى إنْ كان يَقْتَضِي الفرْقَ بين الذميِّ، والمسلمِ في القصاص فكذلك يقتضي الفَرْق بينهما في الدية، حتى يقال: لا قيمة لدمه في حَقِّ المسلم دون الذمي، كما لا يقال: لا قِصَاصَ بقتله في حق المسلم دون الذمي، وليس في التوجيه المذكور ما يوجِبُ الفَرْق بين القصاص والدية، وإذا جمعنا بين القصاص والدية، واختصرْنا، حَصَلَتْ ثلاثةَ أوجه أو أقوالٍ، كما في الكتاب.
أحدهما: يجب القصاص في العَمْد والدية في الخَطَأ، وبه قال ابن أبي هُرَيْرة.