للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يساعدنا فيه مالك، ويُقْتَلُ الولدُ بالوالِدِ، وكذا سائرُ المحارِم يُقْتَل بعضُهم ببعض، ولو قَتَل الأبُ الرقيقُ عَبْدَ ابنه، فلا قصاص العبد لأن قصاص العبد لسيده والابن لا يقتص من أبيه، [ولو قَتَلَ الابْنُ الرقيقَ عبد الأب فله أن يقتصَّ] (١).

ثم في الفصْل مسألتان:

إحداهما: لو قَتَل مَنْ يرثه ولَدُ القاتل، لم يجب القصاص، كما لو قتل زوجةَ ابنه، أو زوجته ولها منه ولدٌ أو قتلت أم الولد سيِّدَها، وورثه ولدُها منه، ولو ثبت القصاص لغَيْر ولدِ القاتل، ثم انتقل أو بعْضُه إليه، كما إذا قَتَل أبا زوجته، ثم ماتَتِ الزوجة، ولها منه ولد، أو قَتَلَ ابْنُ معتق ابنه، ثم مات المُعْتَق، وورثه ابنه، فلا قِصَاص، وكذلك الحُكْم، لو ورث القاتلَ مستَحِقَّ القصاص الواجب عليه، كما إذا قتل أباه، وثبت القصاص لأخيه، ثم مات الأخ، ولم يُخلِّف إلا القاتل أو خَلَّف معه بنتاً.

قال الإِمام -رحمه الله-: والوجه هاهنا أن يُقَال: ورث ولده القِصَاصَ ثم قتل أو وَرِث القصاص الواجب عليه، ثم سقط لأنه لو لم يرث القصاص، لورثه غيره، ولَمَا سقط، وقد يتعلَّق بهذا من يقول: يجب القصاصُ على الأب بِقَتْلِ الابن، ثم يسقط، لكن سبب السقوط هاهنا استحقاقُ الولَدِ واستحقاقُه قصاصُ نفسه، مما لَمْ يَثْبُت الاستحقاق، لا يتوجه السقوط، فهو كما لو اشترى قريبه الذي يُعْتَق عليه، لَمَّا لم يتصوَّر العتق، إلا في المِلْك، ثبت الملك ثم زال، وإذا اشترى نفسه من سَيِّده، ملك نفسه، ثم ترتَّب العِتْق عليه.

المسألة الثانية: إذا تداعَى رجلان مولوداً مجهولاً ثم قَتَله أحدهما أو قتلاه، فلا قصاص في الحال؛ لأن أحدهما اْبوه ثم إن ألحقه القائف بأحدهما، فإن كانا قد اشتركا في قتله، فلا قصاص على الذي ألْحَقَ به، ويُقْتَصُّ من الآخر فإنه شريكُ الأب، وحكَى القاضي ابن كج وجهاً: أنه لا يقتص من الآخر أيضاً، ووجَّهه بأن إلحاق القائف، مبني على الإمارات وهو ضعيف، فلا يُنَاط به القصاص الذي يَسْقُط بالشبهات، بخلاف الإلحاق بالفراش، وإن كان قد قتله أحدهما، فإن ألحقه بالقاتل، فلا قصاص، وإن ألحقه بالآخر، اقُتُصَّ من القاتل، وكذا لو ألحقه بغيرهما، وينْبَغِي أن يَعُودَ الوَجه الذي حكاه القاضي (٢) [ابن كج].

وإن رَجَعا عن الدعوة، لم يُقْبَل رجوعهما؛ لأنه صار ابناً لأحدهما، وفي قَبُول


(١) سقط من: أ.
(٢) وما بحثه من جريان الوجه هنا هو المجزوم به في الحاوي للماوردي في كل من الصورتين. وكذا جعل محل الوجوب إذا ألحقه القائف بغير قاتله قبل القتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>