الرجُوعِ إبطالُ حقِّه من النسب، وإن رجع أحدهما، وأصر الآخر، فهو ابن الآخر، فيُقْتَصُّ من الواجع، إن اشتركا في قتله، أو كان هو القاتلَ هذا إذا لَحِقَ المولودُ أحدَهما بالدعوة، أما إذا لَحِقَ بالفراش، كما إذا نَكَح معتَّدةَ، فأتت بولد يتصوَّر أن يكون من الزوج الأول، وأن يكون من الثاني، أو فرض وطء شبهة، فإنما يتعيَّن أحدهما بإلحاق القائف أو بانتساب المولود بعْدَ البلوغ فلو نفاه أحدهما، فيتَعيَّن للثاني، أو يبقى الإبهام حتى يُعْرَض على القائف أو يَنْتَسب؟ فيه قولان مذكوران في باب القائف، والأصح الثاني، وإذا ألحقه القائف بأحدهما، [وقد قتلاه، فيقتص من الآخر، وإنْ قتله أحدهما، لم يَخْفَ الحكم، وإن ألحقه بأحدهما،](١) أو انتسب بعد البلوغ إلى أحدهما، ثم قتله الَّذي لَحِقَه، لم يقتص منه، فإن أقام الآخر بَيِّنةً على نسبه لحقه، واقْتُصَّ من الأول وحيث فرضْنا إلحاق القائف بعْد القتل، فذاك مُفَرَّعٌ على جواز عرْضِ المولود بَعْدَ موته على القائف وهو الصحيح، وفيه وجه آخر يذكر في موضعه ويمكن أنْ يُفْرَض العَرْض في حياته، وتأخيرُ الإلحاق إلى ما بعد المَوت.
وقوله في الكتاب:"ولا يُقْتَل والدٌ بولَدِه" مُعْلَم بالميم.
وقوله:"وكذا الأجْدَاد والجدَّات" ويجوز أنَّ يقرأ وكذلك باللام وقوله: "ولذلك لا يَقْتُل الجَلاَّد أباه" يجوز أن يقرأ "لذلك" ويجوز أن يقرأ "ولذلك" بالواو وقوله: "وإن ألحقه بالثاني اقْتَصَّ" قياس ما حكاه القاضي ابن كج إعلامه بالواو، والله أعلم.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: أخوانِ لأَبٍ ولأُمٍّ، قَتَل أحدُهما الأَبَ، والآخَرُ الأمَّ، فإما أن يقْتُلاَهما معاً أو عَلَى التعاقُبِ، والاعتبار في المعيَّة، والتعاقبُ بزهوق الرّوح لا بالجُرْح.
الحالَة الأُولَى: إذا قتلاهما معاً، فكلُّ واحدٍ منهما يستحقُّ القصاص على الآخَرِ، فإنْ عفا أحدهما، فللمعفو عنه أن يقتصَّ من العافي يُقَدَّم لاستيفاء القصاص مَنْ خرجَتْ